وتعالى: أنا ربكم، ومحمد نبيّكم، وعليّ أميركم. وهو صريح في الباب"."
والجواب من وجوه: أحدها: منع الصحة، والمطالبة بتقريرها. وقد أجمع أهل العلم بالحديث على أن مجرد رواية صاحب"الفردوس"لا تدل على أن الحديث صحيح، فابن شيرويه الديلمي الهمذاني ذكر في هذا الكتاب أحاديث كثيرة صحيحة وأحاديث حسنة وأحاديث موضوعة، وإن كان من أهل العلم والدين، ولم يكن ممن يكذب هو، لكنه نقل ما في كتب الناس، والكتب فيها الصدق والكذب، ففعل كما فعل كثير من الناس في جميع الأحاديث: إما بالأسانيد، وإما محذوفة الأسانيد.
الثاني: أن هذا الحديث كذب موضوع باتفاق أهل العلم بالحديث.
الثالث: أن الذي في القرآن أنه قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} ليس فيه ذكر النبي ولا الأمير، وفيه قوله: {أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ} [الأعراف: 173] . فدل على أنه ميثاق التوحيد خاصة، ليس فيه ميثاق النبوة، فكيف ما دونها؟!
الرابع: أن الأحاديث المعروفة في هذا، التي في المسند والسنن والموطأ وكتب التفسير وغيرها، ليس فيها شيء من هذا. ولو كان ذلك مذكوراً في الأصل لم يهمله جميع الناس، وينفرد به من لا يُعرف صدقه، بل يُعرف أنه كذب.
الخامس: أن الميثاق أخذ على جميع الذرية، فيلزم أن يكون عليٌّ أميراً على الأنبياء كلهم، من نوح إلى محمد صلَّى الله عليه وسلَّم. وهذا كلام المجانين؛ فإن أولئك ماتوا قبل أن يخلق الله عليّاً، فكيف يكون أميراً عليهم؟!
وغاية ما يمكن أن يكون أميراً على أهل زمانه. أما الإمارة على من خُلق قبله، وعلى من يخلق بعده، فهذا من كذب من لا يعقل ما يقول، ولا يستحي فيما يقول.
ومن العجب أن هذا الحمار الرافضي الذي هو أحمر من عقلاء اليهود، الذين قال الله فيهم: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [الجمعة: 5] والعامة معذورون في قولهم: الرافضي حمار اليهودي، وذلك أن عقلاء اليهود يعلمون أن هذا ممتنع عقلاً وشرعاً، وأن هذا كما يُقال: خرَّ عليهم السقف من تحتهم فيُقال: لا عقل ولا قرآن.
وكذلك كون عليّ أميراً على ذرية آدم كلهم، وإنما وُلد بعد موت آدم بألوف من السنين، وأن يكون أميراً على الأنبياء الذين هم متقدمون عليه في الزمان والمرتبة، وهذا من جنس قول ابن عربي الطائي وأمثاله من ملاحدة المتصوفة الذين يقولون إن الأنبياء كانوا يستفيدون العلم