فهرس الكتاب
الصفحة 12 من 363

أَهْلِي، هَارُونَ أَخِي، اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي، وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي [طه: 25 - 32] فأنزلت عليه قرآناً ناطقاً: {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا} [القصص: 35] اللهم وأنا محمد نبيك وصفيك، اللهم فاشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واجعل لي وزيراً من أهلي، عليّاً اشدد به ظهري"."

قال أبو ذر: فما استتم كلام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم [1] حتى نزل عليه جبريل من عند الله فقال: يا محمد اقرأ قال: وما أقرأ؟ قال: اقرأ: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة: 55] .

ونقل الفقيه ابن المغازلي الواسطي الشافعي أن هذه نزلت في عليّ [2] ، والوليّ هو المتصرف، وقد أثبت له الولاية في الآية، كما أثبتها الله تعالى لنفسه ولرسوله"."

والجواب من وجوه: أحدها: أن يقال: ليس فيما ذكره ما يصلح أن يقبل ظناً، بل كل ما ذكره كذب وباطل، من جنس السفسطة. وهو لو أفاده ظنوناً كان تسميته براهين تسمية براهين تسمية منكرة؛ فإن البرهان في القرآن وغيره يطلق على ما يفيد العلم واليقين، كقوله تعالى: {وَقَالُوا لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 111] .

وقال تعالى: {أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [النمل: 64] .

فالصادق لابد له من برهان على صدقه، والصدق المجزوم بأنه صدق هو المعلوم.

وهذا الرجل جميع ما ذكره من الحجج فيها كذب، فلا يمكن أن يذكر حجة واحدة جميع مقدماتها صادقة، فإن المقدمات الصادقة يمتنع أن تقوم على باطل. وسنبين إن شاء الله تعالى عند كل واحدة منها ما يبين كذبها، فتسمية هذه براهين من أقبح الكذب.

ثم إنه يعتمد في تفسير القرآن على قولٍ يحكى عن بعض الناس، مع أنه قد يكون كذباً عليه، وإن كان صدقاً فقد خالفه أكثر الناس. فإن كان قول الواحد الذي لم يُعلم صدقه، وقد خالفه الأكثرون برهاناً، فإنه يقيم براهين كثيرة من هذا الجنس على نقيض ما يقوله، فتتعارض البراهين فتتناقض، والبراهين لا تتناقض.

(1) في كتابه"مناقب الإمام علي"ص 311 - 314. (م) .

(2) في كتابه"مناقب الإمام علي"ص 311 - 314. (م) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام