المتقدم معنا - وحديث الشعبي دليلٌ على أنه يُقتل مَن شتم النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نقل ابن المنذر الاتفاق على أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم صريحاً وجب قتله" [1] . وسواء أكانت القصة في هذين الحديثين نفسها أم لا فالدلالة منهما واضحة على إهدار دم شاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم."
6.أمر النبي صلى الله عليه وسلم في فتح مكة بقتل أفراد بعينهم مع كفه عمن سواهم، كما روى البيهقي في الحديث وفيه:"وأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكفوا أيديهم فلا يقاتلوا أحداً إلا مَن قاتلهم، وأمر بقتل أربعة نفر منهم: عبد الله بن سعد بن أبي سرح، والحارث بن نقيذ، وابن خطل ومقيس بن صبابة، وأمر بقتل قينتين [2] لابن خطل كانتا تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم" [3] ، ثم قُتلت إحدى القينتين واستخفت الأخرى حتى استؤمن لها [4] ، قال ابن تيمية رحمه الله:"فوجه الدلالة أن تعمُّدَ قتل المرأة لمجرد الكفر الأصلي لا يجوز بالإجماع، وقد استفاضت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم"، ثم قال:"إذا تقرر هذا فنقول: هؤلاء النسوة كن معصومات بالأنوثة، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتلهن لمجرد أنهن كنَّ يهجينه وهنَّ في دار حرب، فعُلم أن مَن هجاه وسبَّه جاز قتلُه بكل حال" [5] ، قلت: هذا الدليل من الأهمية بمكان لانطباق كافة أوصاف المعيَّن فيه على كثير ممن يشتمون النبي صلى الله عليه وسلم اليوم ممن هم في بلاد الكفر كأوروبا وأمريكا الشمالية وغيرها من الدول الصليبية، فأهل هذه الدول كفار محاربون في دار الحرب تماماً كما كان حال هاتين القينتين، ثم إن مَن كان من الشاتمين اليوم من الكفار المحاربين امرأة فدخولها في الحديث واضح لا إشكال فيه حيث انطبقت كل الصفات، ومَن كان رجلاً فمن باب أَولى لأن الذكورة ليست عاضمة لدم الكافر الحربي، فاستقام انطباق هذا الدليل على طائفة كبيرة من أكابر مجرمي هذه الدول الصليبية الكافرة التي يتطاول بعض أفرادها بسب النبي صلى الله عليه وسلم ويسكت الآخرون إما سكوت تقرير أو سكوت تبرير، فيما تستمر استجداءات بعض البيانات الإعلامية الهزيلة لبعض المسلمين يحسبون أنهم ينتصرون بذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وما بيننا وبين الانتصار له حقيقةً إلا استنهاض الهمة تحريضاً على الظفر بهؤلاء المجرمين، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتتبع هاتين المجرمتين ولو كنَّ في حرم مكة شرفها الله، ثم إنزال حكم الله تعالى فيهن بعد الظفر بهن، وكذلك يجب السعي للظفر بكل مجرم دنيء يتطاول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليُقام فيه حد الله تعالى أعني القتل لا غيره، والله الموفق وله الحمد على ما هدانا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
7.حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول:"قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَن لكعب بن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله؟ فقام محمد بن مسلمة فقال: يا رسول الله، أتحب أن أقتله؟ قال: نعم. قال: فائذن لي أن أقول شيئاً. قال: قل. فأتاه محمد بن مسلمة فقال: إن هذا الرجل [6] قد سألنا صدقة، وإنه قد عنانا [7] وإني قد أتيتك أستسلفك. قال: وأيضاً، والله لتملُنَّه. قال: إنا قد اتبعناه فلا نحب أن ندعه"
(1) نيل الأوطار - الشوكاني - 7/ 380
(2) القينة: الغانية، والجارية تتخذ للغناء
(3) سنن البيهقي الكبرى - 9/ 120
(4) دلائل النبوة - البيهقي - 5/ 41
(5) الصارم المسلول - 2/ 253، 260
(6) يعني النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا القول من الصحابي لكعب بن الأشرف على وجه الحيلة وهو القول الذي استأذن النبي صلى الله عليه وسلم أن يحتال به ليصل إلى كعب بن الأشرف ويتمكن منه كما سيأتي في باقي الحديث
(7) عنانا: أي أثقل علينا وأتعبنا