أكن أملأ عينَي منه، ولو مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة" [1] ، وعن أسامة بن شريك يقول:"أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أصحابه عنده كأن على رؤوسهم الطير" [2] ، وأرسلت قريش عروة بن مسعود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية:"فقام من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رأى ما يصنع به أصحابه؛ لا يتوضأ وضوءاً إلا ابتدروه، ولا يبصق بصاقاً إلا ابتدروه، ولا يسقط من شعره شيء إلا أخذوه، فرجع إلى قريش فقال: يا معشر قريش، إنى جئت كسرى في مُلكه، وجئت قيصر والنجاشي في مُلكهما، والله ما رأيت مُلكاً قط مثل محمد في أصحابه، ولقد رأيت قوماً لا يسلمونه لشيء أبداً" [3] ، قلت: فما بالنا اليوم نُسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ونخذله أمام شرذمة حقيرة من زبالات البشر ..."
عن عائشة رضي الله عنها قالت:"تُوفي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتي وفي يومي وبين سحري ونحري، وكانت إحدانا تعوِّذه بدعاء إذا مرض، فذهبت أعوِّذه فرفع رأسه إلى السماء وقال: في الرفيق الأعلى، في الرفيق الأعلى. ومرَّ عبد الرحمن بن أبي بكر وفي يده جريدة رطبة، فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم فظننت أن له بها حاجة، فأخذتها فمضغت رأسها ونفضتها فدفعتها إليه، فاستنَّ بها كأحسن ما كان مستناً، ثم ناولنيها فسقطت يده أو سقطت من يده، فجمع الله بين ريقي وريقه في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة" [4] ،
وعن عائشةرضي الله عنها أن أبا بكر رضي الله عنه أقبل على فرس من مسكنه بالسنح، حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة، فتيمم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مغشى بثوب حبرة، فكشف عن وجهه، ثم أكبَّ عليه فقبَّله وبكى، ثم قال:"بأبي أنت وأمي، والله لا يجمع الله عليك موتتين، أما الموتة التي كُتبت عليك فقد مِتَّها"، قال الزهري: وحدثني أبو سلمة عن عبد الله بن عباس أن أبا بكر خرج وعمر بن الخطاب يكلم الناس فقال: اجلس يا عمر، فأبى عمر أن يجلس، فأقبل الناس إليه وتركوا عمر فقال أبو بكر:"أما بعد؛ فمن كان منكم يعبد محمداً صلى الله عليه وسلم فإن محمداً قد مات، ومن كان منكم يعبد الله فإن الله حيٌ لا يموت، قال الله:"وما محمدٌ إلا رسولٌ قد خلت من قبله الرسل"إلى قوله"الشاكرين" [5] ، وقال: والله لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر، فتلقاها منه الناس كلهم، فما أسمع بشراً من الناس إلا يتلوها، فأخبرني سعيد بن المسيب أن عمر قال:"والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت حتى ما تُقلني رجلاي، وحتى أهويت إلى الأرض حين سمعته تلاها، علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات" [6] ،"
(1) صحيح مسلم - 1/ 112
(2) السنن الكبرى - النسائي - 3/ 445
(3) مسند الإمام أحمد - 4/ 324
(4) صحيح البخاري - 4/ 1617
(5) سورة آل عمران - آية 144
(6) صحيح البخاري - 4/ 1618