فهرس الكتاب
الصفحة 62 من 83

الكافرين تحصيلاً للظفر بالساب وقتله والوصول إليه بكل حيلة، وهذا ما ندين لله تعالى به ونراه حقاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم علينا، والله أعلم.

المطلب الثاني: بيان الأدلة على تعيُّن قتل الساب وعدم صلاح أية عقوبة أُخرى معه:

لقد تبين مما تقدم أمران؛ أحدهما أن ساب النبي صلى الله عليه وسلم كافرٌ لا إيمان له ولا أمان بغض النظر عن حاله قبل وقوع السب مسلماً كان أم ذمياً أم مستأمناً أم حربياً، فقد صار حاله بعد السب حالاً واحداً وهو الكفر وانتقاض الأمن والإيمان، وثانيهما إهدار دمه عقوبةً له على هذه الجريمة. ولما كان حكم الإمام المسلم في الكافر التخيير بين القتل والاسترقاق والمن والفداء، كما كان حال المرتد المبدِّل لدينه المفارق للجماعة الاستتابة قبل القتل كان من المهم بيان عدم تناول هذه الخيارات للساب وذلك لعظم جريمته كما تقدم. ونبين هنا أن القتل هو العقوبة الوحيدة المناسبة والمتعينة على ساب الرسول صلى الله عليه وسلم ثم نتكلم في المطلب الثالث عن حكم استتابة وتوبة الساب بإذن الله.

ولقد تكلم شيخ الإسلام ابن تيمية على مسألة تعيُّن قتل الذمي الساب فأجاد وأفاد رحمه الله، ونحن لن نفصل كثيراً في دقائق أحكام أهل الذمة وتعدد أقوال الفقهاء فيهم فإن ذلك مبسوط في مظانه، ولكن نتكلم إن شاء الله على الأدلة التي تحتم قتل الساب وعدم مناسبة غيره من العقوبات كالجلد أو الاسترقاق وعدم جواز غير ذلك من التصرفات الجائزة للإمام المسلم مع الأسرى الكفار غير السابين والشاتمين للنبي صلى الله عليه وسلم كالمن والفداء، وأنبه هنا على أن الخلاف بين الفقهاء خلاف متأخر عن عصر الصحابة كما قدمنا في مبحث الإجماع، كما أنه خلاف حول تحتم القتل لا حول جواز القتل

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام