فهرس الكتاب
الصفحة 12 من 83

من ينتظر وما بدَّلوا تبديلاً" [1] ، وقال:"وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون" [2] ، وأما نصيحة المسلمين له بعد وفاته فالتزام التوقير والإجلال، وشدة المحبة له، والمثابرة على تعلم سنته، والتفقه في شريعته، ومحبة آل بيته وأصحابه، ومجانبة مَن رغب عن سنته وانحرف عنها وبغضه والتحذير منه، والشفقة على أمته، والبحث عن تعرف أخلاقه وسيره وآدابه والصبر على ذلك" [3] . قال أبو عبدالله المروزي رحمه الله:"قال بعض أهل العلم: جِماع تفسير النصيحة هو عناية القلب للمنصوح له مَن كان، وهى على وجهين أحدهما فرض والآخر نافلة" [4] ثم قال:"وأما النصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم في حياته فبذل المجهود في طاعته ونصرته ومعاونته وبذل المال إذا أراده والمسارعة إلى محبته، وأما بعد وفاته فالعناية بطلب سنته والبحث عن أخلاقه وآدابه، وتعظيم أمره ولزوم القيام به، وشدة الغضب والإعراض عن من يدين بخلاف سنته، والغضب على من ضيعها لأثرة دنيا وإن كان متديناً بها، وحُبُّ من كان منه بسبيل من قرابة أو صهر أو هجرة أو نصرة أو صحبة ساعة من ليل أو نهار على الإسلام والتشبه به في زيه ولباسه" [5] .

فهذه أقوال أهل العلم متضافرة على وجوب النصيحة له صلى الله عليه وسلم، والنصيحة في اللغة الإخلاص، وهي لرسولنا صلى الله عليه وسلم الإخلاص في متابعته بحيث تكون مجردةً له صلى الله عليه وسلم لا يدخل على هذه المتابعة شيء من البدعة والحدث والرأي والهوى، وهذا كما جاء في الأثر:"جعل رجلٌ يقول لابن عمر رضي الله عنهما: أرأيت أرأيت؟ قال: اجعل أرأيت باليمن، إنما هي السنن" [6] .

سادساً: مكان الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم:

اعلم أن الله تعالى قد افترض علينا الصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال سبحانه وتعالى:"إن الله وملائكته يصلُّون على النبي يأيها الذين آمنوا صلُّوا عليه وسلِّموا تسليماً" [7] ، وهذه الصلاة كما قال أبو العالية:"صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة الدعاء" [8] ، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله:"والمقصود من هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملأ الأعلى، بأنه يثني عليه عند الملائكة المقربين، وأن الملائكة تصلي عليه، ثم أمر تعالى أهل العالم السفلى بالصلاة والتسليم عليه، ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوي والسفلي جميعاً" [9] .

ولقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف نصلي عليه، ففي الحديث عن كعب بن عجرة رضي الله عنه:"... إن النبي صلى الله عليه وسلم خرج علينا فقلنا: يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد،"

(1) سورة الأحزاب - آية 23

(2) سورة الحشر - آية 8

(3) الشفا - القاضي عياض - 2/ 283

(4) تعظيم قدر الصلاة - المروزي - 2/ 691

(5) تعظيم قدر الصلاة - المروزي - 2/ 693

(6) الإبانة الصغرى - ابن بطة - 1/ 143

(7) سورة الأحزاب - آية 56

(8) صحيح البخاري - 4/ 1802 معلقاً تعليقاً جازماً

(9) تفسير ابن كثير - 3/ 508

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام