فهرس الكتاب
الصفحة 30 من 83

جناب النبوة أو أن يكون من القابعين مع الخوالف والمنافقين، وهكذا فلن تعدم أدباً وتعزيراً وتوقيراً برَّ به صحابةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيَّهم عليه الصلاة والسلام في حياته، إلا وجدت مِن جنسه ما تبره به صلى الله علبه وسلم بعد مماته، والحمد لله رب العالمين.

الفصل الثالث: جريمة سب النبي صلى الله عليه وسلم

إن مما لا يخفى على عاقل فضلاً عن مسلم أن تنقُّصَ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ورميهم بشيء من الأذى قولاً كان أم فعلاً إنما هو جريمة بشعة لا تصدر إلا عن سفهٍ وحقدٍ وخبثٍ في النفس. ذلك أن الله تعالى إنما بعث رسله وأنبياءه رحمةً للعالمين، وجعلهم للبشرية هداةً مهتدين، يمسكون الناس برفق يحجزونهم عن النار ويسيرون بهم إلى طريق طاعة الله موصلين مَن شاء الله تعالى أن يستنقذه بهم إلى جنة الرضوان، فكان الاعتداء على هؤلاء الرسل الكرام خبثاً في الطبع وحقداً في النفس وقبحاً في القول والفعل، نسأل الله تعالى العافية والسلامة من ذلك. فإذا تأملت ما تقدم مِن فضلِ رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم تيقنت أن من تطاول على مقامه صلوات الله وسلامه عليه بشيءٍ من هذا الأذى والسب هو أشد خبثاً وأكثر حقداً وأسوأ قبحاً في ذلك كله، لأنه بأبي وأمي صلوات الله وسلامه عليه خيرُ رسل الله أجمعين وخاتم النبيين وإمام المرسلين أرسله الله تعالى رحمةً للعالمين، فكان حقه التجريد في المتابعة والإخلاص في المحبة والمبالغة في التعظيم والتوقير والتعزير والتفدية بالأرواح والأهلون والأموال والأوطان، وكان غاية الخبث أن تمتد ألسنة الباطل بسبِّه أو لمزِه أو تنقُّصِه صلوات الله وسلامه عليه، وسوف يأتي لاحقاً بيان أن هذا الفعل الخبيث أشد سوءاً من الكفر بغيره من الأفعال والأقوال.

وهذا الفصل معقودٌ لبيان صفة سب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيان ما هو في حقه شتمٌ وتنقُص وإساءة، ثم التنبيه على الفرق بين سب رسول الله صلى الله عليه وسلم والكفر المجرد عن ذلك، حتى تتحرر هذا المسألة تحريراً جيداً قبل الانتقال إلى الفصل التالي الذي نبين فيه حكم هذا الساب المعادي لله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم.

أولاً: بيان صفة سب رسول الله صلى الله عليه وسلم وما هو في حقه صلوات الله وسلامه عليه شتم وتنقُص وإساءة:

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام