فهرس الكتاب
الصفحة 66 من 83

أولى" [1] . قلت: وهذا قد تقدم تقريره مراراً، ويمكن تخريج هذه المسألة على قاعدة إهدار الضرر الخاص منعاً للضرر العام؛ وتوجيهه أن الكافر المعيَّن إن اقتصر في كفره على ما في باطنه فإنه لا يضر إلا نفسه، أما إن تعدى بكفره الباطن وأظهر الطعن على الدين والسب والشتم للنبي صلى الله عليه وسلم فإن ضرره يتعدى، بسبب ما قد يؤدي إليه سبه للنبي صلى الله عليه وسلم من نفور بعض الناس عن الدين، وتوهم نسبة النقص إليه حاشاه صلى الله عليه وسلم، وهذا إذا حصل فلا شك أنه ضرر عام، وفي الشريعة احتمال الضرر الخاص - وهو هنا قتل الكافر الساب الطاعن على النبي صلى الله عليه وسلم - منعاً للضرر العام وهو إعراض الناس عن دعوته صلى الله عليه وسلم."

والحقيقة إن استعراض الأدلة على هذا يطول وفيما ذكرنا مضموماً إلى ما تقدم من أدلة القرآن والسنة والإجماع في المطلب الأول كفاية لمن أراد تعرف الحق، والله الموفق.

المطلب الثالث: بيان الأدلة على عدم استتابة ساب النبي صلى الله عليه وسلم وبيان حكمه إن تاب:

تبقى مسألة الاستتابة والتوبة، وبدايةً نبين أن المرتد عموماً يُستتاب وتُقبل توبته من الردة، ويبقى النظر في المرتد الساب للنبي صلى الله عليه وسلم وهو مسألتنا هنا، والمسألة الثانية هي عصمة دم الكافر بإسلامه ويبقى النظر في الساب للنبي صلى الله عليه وسلم إذا أسلم ..

المسألة الأولى: استتابة وتوبة المرتد عن الإسلام الساب للنبي صلى الله عليه وسلم:

لقد دل الدليل على قتل هذا الساب المرتد بغير استتابة وبغير قبول توبة، كما في حديث قتل ابن خطل، قال ابن تيمية رحمه الله قال في تعليقه على قصة إهدار النبي صلى الله عليه وسلم دم ابن خطل [2] :"وقد استدل بقصة ابن خطل طائفة من الفقهاء على أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم من المسلمين يُقتل وإن أسلم حداً، واعترض عليهم بأن ابن خطل كان حربياً فقُتل لذلك، وجوابه أنه كان مرتداً بلا خلاف بين أهل العلم بالسير، وحتم قتله بدون استتابة مع كونه مستسلماً قد ألقى السلم كالأسير، فعُلم أنَّ مَن ارتد وسبَّ يُقتل بلا استتابة، بخلاف من ارتد فقط. يؤيده أن النبي صلى الله عليه وسلم آمن عام الفتح جميع المحاربين إلا ذوي جرائم مخصوصة، وكان ممن أهدر دمه دون غيره، فعُلم أنه لم يقتل لمجرد الكفر والحراب" [3] . وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله:"ونقل أبو بكر الفارسي أحد أئمة الشافعية في كتاب الإجماع: أن من سب النبي صلى الله"

(1) الصارم المسلول - 2/ 539

(2) وقد تقدمت القصة في مبحث أدلة السنة على انتقاض إيمان وأمان الساب ووجوب قتله

(3) الصارم المسلول - 2/ 265 - 266 بتصرف يسير

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام