فهرس الكتاب
الصفحة 38 من 83

الفصل الرابع: حكم سابِّ النبي صلى الله عليه وسلم

إن معرفة حكم ساب الرسول صلى الله عليه وسلم ضرورة دينية لا غنى لمسلم عنها اعتقاداً وعملاً، أما الاعتقاد فبالكامل، وأما العمل فعلى قدر الاستطاعة، وإن هذه الضرورة أكثر تمحضاً اليوم من الأمس القريب إذ لم نعهد حتى القريب مثل هذه الحملة الشعواء الشرسة لأكابر مجرمي الأرض ممن يتجرأون على مقام النبوة وجناب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وليكن مقام أحدنا مِن تعلُّم حكم هؤلاء المجرمين مقام المصحح لعقيدته والمقوِّم لانحراف أمته المجاهد في سبيل إعلاء دينه، والحذر كل الحذر من أن ينجرف أحدنا إلى مهاوي الخذلان والتهالك فيكون حاله حال من وصفهم الله تعالى فقال:"ولِيَعلمَ الذين نافقوا وقيل لهم تعالَوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلمُ قتالاً لاتَّبعناكم هم للكفر يومئذٍ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون" [1] .

وقبل الخوض في تفاصيل هذا المبحث لا بد من مقدمة للتعريف بأقسام الناس من حيث الإسلام والكفر حيث إن تفريع بعض الأحكام المتعلقة بسب الرسول صلى الله عليه وسلم ينبني عليه، فنقول وبالله التوفيق:

الناس إما مسلمون وإما كفار. والكفار أصنافٌ أربعة هي كما ذكر ابن قيم الجوزية رحمه الله:"الكفار إما أهل حرب وإما أهل عهد، وأهل العهد ثلاثة أصناف: أهل الذمة، وأهل هدنة، وأهل أمان" [2] . وهذه نبذة عن كل نوع منهم:

1.أهل الذمة: فهم الذين دخلوا مع المسلمين في عقد الذمة بحيث رضوا بأن يكونوا تحت حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم مقيمين في دار الإسلام مضروباً عليهم الجزية والصغار في مقابل إقرارهم على دينهم فيما بينهم مع حماية الدولة الإسلامية لهم، كما قال الله تعالى:"قاتِلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرِّمون ما حرَّم اللهُ ورسولُه ولا يَدِينُون دينَ الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يُعطُوا الجزيةَ عن يدٍ وهم صاغرون" [3] وعقد الذمة عقدٌ مؤبد ما لم ينقضه الذمي بناقضٍ من نواقض العهد المعروفة.

2.أهل الهدنة: ويعرفون أيضاً بأهل العهد وأهل الصلح وهم الذين صالحوا المسلمين على أن يكونوا في دارهم - أي دار الكفار - لا تجري عليهم أحكام الإسلام كما تجري على أهل الذمة، ولكن عليهم الكف عن محاربة المسلمين، وهؤلاء الذين قال الله تعالى فيهم:"فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم" [4]

3.أهل الأمان: المستأمَن هو الكافر يدخل دار الإسلام من غير استيطان لها أو إقامة فيها يدخلون بأمان المسلمين، وهؤلاء إما رسل وسفراء أو تجار أو مستجيرين يدخلهم المسلمون حتى يسمعوا كلام الله تعالى ويُعرَض عليهم الإسلام كما قال الله تعالى:"وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجِره حتى يسمعَ كلام الله ثم"

(1) سورة آل عمران - آية 167

(2) أحكام أهل الذمة - ابن قيم الجوزية - 1/ 335

(3) سورة التوبة - آية 29

(4) سورة التوبة - آية 7

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام