فهرس الكتاب
الصفحة 50 من 83

مسألتنا لأنها جامعة في الدلالة على كل أوجه المطلوب وهو انتقاض الإيمان والأمان وتعين القتل على هؤلاء المجرمين، والله أعلم.

15.قوله تعالى:"ألا تقاتلون قوماً نكثوا أيمانهم وهمُّوا بإخراج الرسول" [1] ، وهذه الآية تالية في الترتيب للآية السابقة، وفيها مزيد تهييج للمؤمنين على قتال هؤلاء الطاعنين في دين الله وفي الله وفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا التهييج والإغراء بهم يؤكد على أن المطلوب قتلهم واستئصال شأفتهم، بل إنك لتستشعر نوع عتاب في الآية لمن تردد في قتلهم، وكأن في الآية: كيف لا تقتاتلون هؤلاء الذين أرادوا إخراج رسول الله صلى الله عليه وسلم وبدأوه وإياكم القتال ونكث العهود! قال ابن كثير رحمه الله في هذه الآية:"وهذا أيضا تهييج وتحضيض وإغراء على قتال المشركين الناكثين بأيمانهم الذين هموا باخراج الرسول من مكة" [2] ، وقال ابن تيمية رحمه الله:"فجعل همَّهم بإخراج الرسول من المحضضات على قتالهم، وما ذاك إلا لما فيه من الأذى، وسبُّه أغلظ من الهم بإخراجه، بدليل أنه صلى الله عليه وسلم عفا عام الفتح عن الذين همُّوا بإخراجه ولم يعفُ عمَّن سبَّه، فالذمي إذا أظهر سبَّه فقد نكث عهده وفعل ما هو أعظم من الهم بإخراج الرسول وبدأ بالأذى فيجب قتاله" [3] ، قلت: فهذا حال الذمي فما بالك اليوم بالكافر الحربي الذي لم ينعقد له أمان ولا عهدٌ أصلاً وهو يبارز النبي صلى الله عليه وسلم بالسب والشتم والتنقص والوقيعة في عرضه بأبي وأمي هو صلوات الله وسلامه عليه، أيكون نصيبه من العقوبة دعوة إلى مؤتمر حوار أديان وتحذيره من مغبة الاستمرار في الشتم لئلا يعكر جو حوار الحضارات والتعايش السلمي بين الأديان، أم يكون نصيبه ضرباً فوق الأعناق وضرباً لكل بنان، تأمل هذا يا ما تحب رسول الله صلى الله عليه وسلم تأمله جيداً ثم اختر لنصرة نبيك صلى الله عليه وسلم حالاً من هاتين.

16.قوله تعالى:"سأُلقي في قلوب الذين كفروا الرعبَ فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كلَّ بَنان. ذلك بأنهم شاقُّوا الله ورسولَه ومن يشاقق اللهَ ورسولَه فإن الله شديد العقاب. ذلكم فذوقوه وأن للكافرين عذابَ النار" [4] ، ووجه الدلالة من هذه الآية أن تعليل الضرب فوق الأعناق وهو القتال كان بسبب مشاقة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:"فجعل إلقاء الرعب في قلوبهم والأمر بقتلهم لأجل مشاقتهم لله ورسوله، فكل من شاقَّ الله ورسوله يستوجب ذلك، والمؤذي للنبي مشاقٌ لله ورسوله كما تقدم فيستحق ذلك" [5] ، قلت: وهذا صريح واضح لا يحتاج إلى كثير بسطٍ وبيان.

17.قوله تعالى:"ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذَّبهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب النار. ذلك بأنهم شاقُّوا الله ورسوله ومن يُشاقِّ الله فإن الله شديدُ العقاب" [6] ، فهذا مصير هؤلاء من أهل الذمة الذين نقضوا عهدهم بمشاقة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، قال ابن تيمية رحمه الله:"فجعل سبب استحقاقهم العذاب في الدنيا ولِعذاب النار في الآخرة هو مشاقَّة الله ورسوله، والمؤذي لرسول الله صلى الله عليه وسلم مُشاقٌّ لله ورسوله كما تقدم، والعذاب هنا هو الإهلاك بعذابٍ من عنده أو بأيدينا، وإلا فقد أصابهم ما دون ذلك من ذهاب الأموال وفراق الأوطان" [7] ، قلت: فهذا أيضاً صريح في أن من شاق الرسول صلى الله عليه وسلم بسب وشتيمة وغيرهما من أنواع

(1) سورة التوبة - آية 13

(2) تفسير ابن كثير - 2/ 340

(3) الصارم المسلول - 2/ 43

(4) سورة الأنفال - آية 13 - 14

(5) الصارم المسلول - 2/ 61

(6) سورة الحشر - آية 3 - 4

(7) الصارم المسلول - 2/ 61

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام