فهرس الكتاب
الصفحة 64 من 103

على سبيل المثال، الصوفية أول ما ظهروا كان شعارهم لبس الصوف وبه اشتهروا، وقد قال الإمام العلامة البحر المتفنن، أبو عبد الله محمد بن علي المارزي (453 - 536 هـ) في فتوى له (( وقد سئلت عن بعض لباس هؤلاء المتهمين(1) للخز والمسوح والصوف الخشن الأسود فأنكرت ذلك. وسئل الإمام مالك عن اللباس الخشن من الصوف فقال (( لا خير في الشهرة، وينبغي أن يخفي الإنسان عمله ) ). وسئل في موضع آخر عن لباس الصوف وهو قادر على الثياب البيض، فقال (( لا أحبه لما فيه من الشهرة، وينبغي أن يخفي الإنسان عمله ) )، فقيل له إنما يقصد بهذا التواضع، قال: (( قد يجد بثمنه من غليظ القطن ما يقوم مقامه ) )، فأنت تراه كيف أنكر هذه فكيف به لو سئل عن لباس المسوح والثياب السود من الصوف؟

وهذا وقد قال - صلى الله عليه وسلم: (( البسو البياض وكّفنوا فيه موتاكم فإنّه من أفضل لباسكم ) ) (2) الحديث , فهذه الصّفة مخالفة للحديث ولما رُوي عن مالك , فإن رأوا مخافة من تقدّم برأي وتأويل لم يتركوا لرأيهم وبُيِّن لهم فسادُ رأيهم )) انتهى (3)

جاء في كتاب (ترتيب المدارك) للقاضي عياض (2/ 54) :

(( قال التِّنيسيَُ: كنا عند مالك وأصحابه حوله , فقال رجلُ من أهل نَصيبين: عندنا قوم يقال لهم الصوفيّة , يأكلون كثيراً , ثمّ يأخذون في القصائد , ثمّ يقومون فيرقصون؟ فقال مالك: أصبيانُ هم؟ قال: لا , قال: أمجانين هم؟ قال: لا , هم قومٌ مشايخ , وغير ذلك عقلاء , فقال مالك: ما سمعتُ أنّ أحداً من أهل الإسلام يفعلُ هذا!!

(1) وكان قد سئل عن بعض الصوفية يقومون ببعض البدع.

(2) رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح.

(3) المعيار للونشريسي (12/ 364) وكلام الإمام مالك رواه فقيه الأندلس أبو عبد الله محمد العُتبي القرطبي المتوفى سنة (255 هـ) في كتابه المستخرجة المعروف بالعتبية (18/ 431) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام