ثم قال: (( يا رسول الله .. الناس أرادوا أن يتعبدوا! نعم .. لكن إرادة التعبد هذه ليست مقصودها الطاعة حقيقة .. وإنما هي اختلطت بمرادات النفس .. هم انتقصوا من فعل رسول الله أكمل الخلق - صلى الله عليه وسلم - وجعلوا عبادتهم ليس على مراد الاتباع له .. لكن على مراد أهوائهم هم .. لما أرادوها على مراد أهوائهم كان سبباً في إعراض رسول الله عنهم وفي غضب رسول الله عليهم , بينما جاءتنا نماذج من الصحابة قاموا الليل كله .. ومن التابعين قاموا الليل كله , كان الإمام زين العابدين يصلي كل ليلة ألف ركعة وهو من أكابر أئمة التابعين ومن أهل البيت , كان الإمام ثابت البناني وهو من أكابر التابعين من تلاميذ أنس بن مالك وعبدالله بن مسعود .. كان يحي الليل بثلاثمائة ركعة , الإمام أبو حنيفة أربعين سنة صلى الفجر بوضوء العشاء بمعنى أنه ما نام الليل كله .. لم يكن ذلك منكراً عند السلف .. لكن الذي أنكره رسول الله على ذلك التنطع .. بمعنى أن يريدوا أن يسيروا إلى الله كما يفهمون هم لا كما يريد الله جل جلاله , فهذا سرُّ خفي في الاتباع غاب عنه كثير من الذين طلبوا صورة الاتباع واكتفوا بمظاهر الاتباع دون أن يفقهوا هذا المعنى ) )انتهى بحروفه.
وأقول: إن السر الخفي الذي نريد أن نعرفه هو من أين يأتي الجفري بهذا الكلام وهذه التعليلات؟ إذا كانت هناك كتبُ مُعْتَبَرة ذكرت ذلك فَلَيْتَهُ يذكرها لنا!
وأما إن كان هذا الكلام من عنده ومن فكره الخاص , فهو مردود عليه ولا حاجة بالمسلمين إليه , بل يكفينا ما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكلامه واضح وجلي , ويكفينا ما قرره علماء المسلمين على مرِّ القرون في شرح هذا الحديث وتوضيح تلك المعاني.
والعجيب حقاً هذا التناقض الشديد في كلام الجفري!