والاعتبار بمقدراته، والاستدلال عليه بآثار قدرته، وشواهد ربوبيته، إذ كان تعالى غير معلوم باضطرار، ولا مشاهد بالحواس، وإنما يعلم وجوده وكونه على ما تقتضيه أفعاله بالأدلة الظاهرة، والبراهين الباهرة، قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: 19] ، وقال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [البقرة: 164] ، وقال عز من قائل: {آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} [الروم: 20، 21] إلى آخر الآيات.
وقال تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر: 2] ، وقال: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} [الغاشية: 17] الآية، وقال: {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 20، 21] .
في نظائر لذلك من الآية الدالة على وجوب النظر والاستدلال، ثم الإيمان به، والإقرار بملائكته ورسله، وجميع ما جاء من عنده، والتصديق بذلك بالقلب والإقرار باللسان.
3 ـــ والإيمان بالله تعالى هو التصديق بالقلب بأنه الله الواحد الفرد القديم الخالق العليم، الذي: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] .
والدليل على أن الإيمان هو الإقرار والتصديق: قوله جل وجلاله: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} [يوسف: 17] يريد بمصدق لنا، وكذلك قوله: {ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا} [غافر: 12] أي تصدقوا. وكذا قوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: 248] أي: مصدقين.
4 ـــ والإيمان بالله تعالى: يتضمن التوحيد له سبحانه، والوصف له بصفاته، ونفي النقائص عنه الدالة على حدوث من جازت عليه، والتوحيد له: هو الإقرار بأنه ثابت موجود، وواحد معبود على ما ورد به قوله تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 163] .
أنه الأول قبل جميع المحدثات، الباقي بعد فناء المخلوعات، على ما أخبر به تعالى في قوله: هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ @