فإن معرفة هذا أصل الدين وأساس الهداية ؛ وأفضل وأوجب ما اكتسبته القلوب ، وحصلته النفوس ، وأدركته العقول ، فكيف يكون ذلك الكتاب وذلك الرسول وأفضل خلق الله بعد النبيين لم يُحكّموا هذا الباب اعتقاداً وقولاً ؟!
ومن المحال أيضاً أن يكون النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد علَم أمته كل شئ حتى الخراءة ، وقال:"تركتكم على الحجة البيضاء ، ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها إلا هالك" (1) وقال فيما صح عنه أيضاً:"ما بعث الله من نبى إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم ، وينهاهم عن شر ما يعلمه لهم" (2) ، وقال أبوذر:"لقد توفى رسول الله وما طائر يقلب جناحيه فى السماء إلا ذكر لنا منه علماً" (3) وقال عمر بن الخطاب:"قام فينا رسول الله مقاماً ، فذكر بدء الخلق ، حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم ، حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه" (4) رواه البخارى اهـ . (5) .
(2) أخرجه مسلم 1844 ، والنسائي كتاب البيعة باب 25 و ابن ماجة 3956 بنحو من هذا اللفظ من حديث عبد الله بن عمرو .
(4) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب بدء الخلق باب 1 .