الثامن: إن القول بالتفويض إنما وقع نتيجة لإعتقاد التشبيه, فإن المفوضة اعتقدوا أن إثباتهم لمعاني الصفات حقيقة يستلزم التشبيه ,فحادوا بسبب ذلك فقالوا: إن ظواهر هذه النصوص لايعلم معناها إلاالله , فوقعوا في التشبيه أولا , ثم في التعطيل ثانيا إذ آمنوا بألفاظ فارغة لامعنى لها بزعمهم ولو قدروا الله حق قدره ماوقعوا في هذا الباطل فالله {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [سورة الشورى, الأية11]
, والكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات, فكأنما أنه - سبحانه - له ذات لاتشبه الذوات , فكذلك له صفات لاتشبه الصفات, فإذا أثبتوا الذات وقالوا إن إثباتها لايستلزم التشبيه , فيلزمهم أن يثبتوا الصفات لأنها لاتستلزم التشبيه.
التاسع:أن القول بالتفويض مخالفة لماكان عليه سلف الأمة - الصحابة والتابعون - إذ أنهم أثبتوا لله الصفات على ماورد في نصوص الكتاب , والسُنة , وقد سبق ذكر الآثار عنهم في ذلك (( وقد تواترت الأقوال عنهم بإثبات المعاني لهذه النصوص إجمالا أحيانا وتفصيلا أحيانا أخرى , وتفويضهم الكيفية إلى علم الله - عز وجل - ) ) (1) .
(1) القواعد المُثلى في صفات الله وأسمائه الحُسنى لفضيلة الشيخ إبن عثيمين ص 35.