فهرس الكتاب
الصفحة 1700 من 2064

العلم بالصدق عقيبه

فإن إظهار المعجز على يد الكاذب وإن كان ممكنا عقلا فمعلوم انتفاؤه عادة كسائر العاديات

لأن من قال أنا نبي ثم نتق الجبل وأوقفه على رؤوسهم وقال إن كذبتموني وقع عليكم وإن صدقتموني انصرف عنكم

فكلما هموا بتصديقه بعد عنهم

وإذا هموا بتكذيبه قرب منهم علم بالضرورة أنه صادق في دعواه

والعادة قاضية بامتناع ذلك من الكاذب

وقد ضربوا لهذا مثلا

قالوا إذا ادعى الرجل بمشهد الجم الغفير أني رسول هذا الملك إليكم ثم قال للملك إن كنت صادقا فخالف عادتك وقم من الموضع المعتاد لك من السرير واقعد بمكان لا تعتاده ففعل كان ذلك نازلا منزلة التصديق بصريح مقاله ولم يشك أحد في صدقه بقرينة الحال

وليس هذا من باب قياس الغائب على الشاهد

بل ندعي في إفادته العلم الضرورة العادية

ونذكر هذا للتفهيم وزيادة التقرير

وقالت المعتزلة خلق المعجز على يد الكاذب ممتنع لأن فيه إيهام صدقه وهو إضلال قبيح من الله

قال الشيخ وبعض أصحابنا إنه غير مقدور لأن لها دلالة على الصدق قطعا

فلا بد لها من وجه دلالة وإن لم نعلمه بعينه

فإن دل على الصدق كان الكاذب صادقا

وإلا انفك عما يلزمه

وقال القاضي اقتران ظهور المعجزة بالصدق هو أحد العاديات

فإذا جوزنا انخراقها عن مجراها جاز إخلاء المعجز عن اعتقاد الصدق

وحينئذ يجوز إظهاره على يد الكاذب

وأما بدون ذلك فلا

لأن العلم بصدق الكاذب محال

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام