فهرس الكتاب
الصفحة 591 من 2064

أحدها في حقيقتها قال ابن سينا الحرارة تفرق المختلفات وتجمع المتماثلات والبرودة بالعكس وذلك أن الحرارة فيها قوة مصعدة فإذا أثرت الحرارة في جسم مركب من أجزاء مختلفة باللطافة والكثافة ينفعل اللطيف منه أسرع فيتبادر إلى الصعود الألطف فالألطف دون الكثيف فيلزم بسببه تفريق المختلفات ثم الأجزاء تجتمع بالطبع فإن الجنسية علة الضم والحرارة معدة للاجتماع فنسب إليها ومن جعل هذا تعريفا للحرارة فقد ركب شططا لأن ماهيتها أوضح من ذلك ولأن ذلك الحكم لا يعلم إلا باستقرار جزئياتها فمعرفتها موقوفة على معرفة الحرارة واعلم أن هذا إنما يثبت إذا لم يكن الالتئام بين بسائط ذلك المركب شديدا وأما إذا اشتد الالتحام وقوي التركيب فالنار لا تفرقها فإن كانت الأجزاء اللطيفة والكثيفة متقاربة كما في الذهب أفادته الحرارة سيلانا وكلما حاول الخفيف صعودا منعه الثقيل فحدث بينهما تمانع وتجاذب فيحدث من ذلك حركة دوران ولولا هذا العائق لفرقها النار وليس عدم الفعل لوجود العائق دليلا على أن النار ليست فيها قوة التفريق وإن غلب اللطيف جدا فيصعد ويستصحب الكثيف لقلته كالنوشادر أو لا فتفيده تليينا كما في الحديد وإن غلب الكثيف جدا لم يتأثر كالطلق

تنبيه الفعل الأول لها التصعيد والجمع والتفريق لا زمان له ولذلك قال ابن سينا في الحدود إنها كيفية فعلية محركة لما تكون فيه إلى فوق لإحداثها الخفة فيحدث عنه أن تفرق المختلفات وتجمع المتماثلات وتحدث تخلخلا من باب الكيف وتكاثفا من باب الوضع لتحليله الكثيف وتصعيده اللطيف وربما يورد عليه أنه قد تفرق المتماثلات كإجراء الماء وتصعدها بالتبخير فقد تجمع المختلفات كصفرة البيض وبياضه ويجاب بأن فعلها في الماء إحالة له إلى الهواء لا تفريق وفي البيض إحالة في القوام لا جمع وستفرقه عن قريب

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام