فهرس الكتاب
الصفحة 32 من 2064

لا تكاد تنحصر في عدد بل تتزايد بتعاقب الحوادث الفعلية فلا يتأتى أن يحاط بها كلها وإنما مبلغ من يعلمها هو التهيؤ التام لها أعني أن يكون عنده ما يكفيه في استعلامها إذا رجع إليه وإن استدعى زمانا بخلاف العقائد فإنها مضبوطة لا تزايد فيها أنفسها فلا تتعذر الإحاطة بها والاقتدار على إثباتها وإنما تتكثر وجوه استدلالاتها وطرق دفع شبهاتها وبالدينية المنسوبة إلى دين محمد صوابا كانت أو خطأ فإن الخصم كالمعتزلة مثلا وإن خطأناه في اعتقاده وما يتمسك به في إثباته لا نخرجه من علماء الكلام ولا يخرج علمه الذي يقتدر معه على إثبات عقائده الباطلة من علم الكلام

موضوع العلم الذي يراد تحصيله وإنما وجب تقديم موضوعه أي التصديق بموضوعيته ليمتاز العلم المطلوب عند الطالب مزيد امتياز إذ به أي بالموضوع تتمايز العلوم في أنفسها وبيان ذلك أن كمال النفس الإنسانية في قوتها الإدراكية إنما هو بمعرفة حقائق الأشياء وأحوالها بقدر الطاقة البشرية ولما كانت تلك الحقائق وأحوالها متكثرة متنوعة وكانت معرفتها مختلطة منتشرة متعسرة وغير مستحسنة اقتضى حسن التعليم وتسهيله أن تجعل مضبوطة متمايزة فتصدى لذلك الأوائل فسموا الأحوال والأعراض الذاتية المتعلقة بشيء واحد إما مطلقا أو من جهة واحدة أو بأشياء متناسبة تناسبا معتدا به سواء كان في ذاتي أو عرضي علما واحدا ودونوه على حدة وسموا ذلك الشيء أو تلك الأشياء موضوعا لذلك العلم لأن موضوعات مسائله راجعة إليه فصارت عندهم كل طائفة من الأحوال

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام