فهرس الكتاب
الصفحة 1247 من 2064

أيضا وامتناع ارتسام الصور التي لها مقدار فيها غير مسلم عندنا لما عرفت آنفا

واحتج الخصم النافي للحس المشترك بوجهين

الأول أن حصول جبل من ياقوت وبحر من زئبق كما يرى في النوم في جزء من بدن النائم ضروري البطلان قلنا قد ينطبع شبح الكبير في الصغير إنما الممتنع إن يرتسم عين الكبير في الصغير كما مر

الثاني كما نعلم أنا لا نشم الروائح ولا نذوق الطعوم ولا نسمع الأصوات ولا نبصر الألوان بالأيدي والأرجل كذلك نعلم أنا لا نذوق ولا نلمس ولا نعقل شيئا مما ذكرناه بالدماغ ومنكره مكابر لإنكار ما يجده كل عاقل من نفسه قلنا عدم توسط الدماغ فيه أي في الإدراك الحسي ممنوع وما ذكرتموه لا يدل عليه وأما أنه أي الدماغ ليس آلة جرمية أي ليس جرمة آلة للإحساسات المذكورة كما اقتضاه دليلكم فنعم إذ لا نزاع لنا فيه

الثانية من القوى المدركة الباطنة الخيال وهو يحفظ الصور المرتسمة في الحس المشترك إذا غابت المحسوسات عن الحواس الظاهرة فهو كالخزانة له وبه يعرف من يرى في زمان ثم يغيب ثم يحضر ولولا هذه القوة وحفظها لصور المحسوسات الغائبة لامتنع معرفته أي لامتنع أن يعرف من شيء أنه الذي رؤي فيما سبق من الزمان واختل النظام إذ يحتاج الإنسان حينئذ في كل ما يحس به أن يتعرف حاله في المرة الثانية وما بعدها كما في المرة الأولى فلا يتميز عنده الضار من النافع والصديق من العدو ويختل أمر المعاش والمعاد وأثبت وجود الخيال بوجوه ثلاثة

الأول قوة القبول غير قوة الحفظ فمدرك الصور القابل لها أعني الحس المشترك غير حافظها الذي هو الخيال قلنا ما تمسكتم به هو فرع قولكم الواحد لا يصدر عنه إلا واحد وقد مر بطلانه وإن سلم ذلك فالحفظ مشروط بالقبول بديهة فلا بد أن يجتمع القبول مع الحفظ فكيف

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام