فهرس الكتاب
الصفحة 1246 من 2064

على الوجه المذكور في قوة أخرى سوى الباصرة وليست تلك القوة هي النفس الناطقة لاستحالة اتصافها بما له مقدار فهي قوة جسمانية باطنة ترتسم فيها صور المحسوسات ولقائل أن يقول يجوز أن يكون ذلك لارتسامه في القوة الباصرة وما ذكرتموه من أن الباصرة لا تدرك الشيء إلا حيث هو ممنوع إذ لا دليل عليه سوى الاستقراء الذي لا يفيد اليقين فنقول لم لا يجوز أن ينطبع في الباصرة صورة الجسم في حيز وقبل أن تنمحي هذه الصورة عنها تنطبع فيها صورته في حيز آخر وإذا اجتمعت الصورتان في الباصرة شعرت بهما معا على أنهما صورة واحدة لشيء واحد ممتد على الاستقامة أو الاستدارة ويؤيد ذلك أن ابن سينا يسلم أن البصر يدرك الحركة ويستحيل إدراكها إلا على الوجه الذي صورناه وأيضا ارتسام ما له امتداد في النفس إنما يستحيل إذا كان حلول الصور فيها كحلول الأعراض في محالها وهو مما ينازع فيه لأن الأعراض متمانعة دون الصور

الوجه الثالث ما يراه النائم والمبرسم والكاهن موجود فإن كل واحد منهم يشاهد صورا محسوسة ويدرك أصواتا مسموعة بحيث لا يرتاب فيها ويميز بينها وبين غيرها فلا بد أن يكون لتلك الصور والأصوات وجود إذ العدم المحض يستحيل أن يتميز عن غيره ويشاهد على حسب ما تشاهد الأمور الموجودة وليس وجودها في الخارج وإلا رآها كل سليم الحس فهو في المدرك وهو أي ذلك المدرك جسماني لا عقلي لما مر من أن الجزئيات لا تدركها إلا قوى جسمانية وليس حسا ظاهرا لتعطله في النوم ولأن الرائي ربما كان مغموض العينين فوجب أن يكون حسا باطنا ولقائل أن يقول لعل المدرك لها النفس كما مر من أنها تدرك الكلي والجزئي

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام