فهرس الكتاب
الصفحة 1226 من 2064

وغلظا ألا ترى أن الإبصار إن كان بالانطباع كما زعموه كان الظاهر أن لا يتفاوت حال المرئي في الصغر والكبر بالقرب والبعد لكن لما كان الانطباع على ما صوروه من توهم المخروط جاز أن يظهر التفاوت فيه بحسبهما ويدل على صحة القول الأول أن من نظر إلى الشمس بتحديق وإمعان نظرا طويلا ثم أعرض عنها وغمض عينيه فإنها تبقى صورتها في العين مدة ما حتى كأنه بعد التغميض ينظر إليها وكذا من نظر إلى الروضة المخضرة جدا ساعة طويلة نظرا بتدقيق فإن عينيه يتكيفان بتلك الخضرة حتى إذا نظر إلى لون آخر لا يبصره خالصا بل مخلوطا بالخضرة أو غمض عينيه فإنه يجده كأنه ناظر إليها فلولا أن الإبصار بانطباع صورة المرئي لما كان الأمر كذلك ومما يدل على صحته أيضا أن يقال له أي للبصر في إدراكه أسوة بسائر الحواس الظاهرة إذ ليس إدراكها لمدركاتها بأن يخرج منها شيء ويتصل ذلك الشيء بالمحسوس بل إدراكها إياها إنما هو لأن المحسوس يأتيها فوجب أن لا يكون الإحساس بالبصر لخروج شيء منه إلى المبصر بل لأن صورته تأتيه فدل ذلك على صحة الانطباع وفساد الشعاع ويمكن أن يقال على الدليل الأول لعله أي لعل ما ذكرتموه من تفاوت المرئي الواحد في الكبر والصغر بالقرب والبعد لسبب آخر لا لانطباعه في جزء أكبر أو أصغر فإن عدم العلم به لا يوجب عدمه وأن يقال على الثاني أن الصورة أي صورة الشمس أو الروضة إنما تبقى في الخيال دون الجليدية ألا ترى أنه لا يتفاوت الحال بالتغميض والإبصار في هذه الحالة قطعا وأن يقال على الثالث أنه تمثيل وقياس للبصر على الحواس الأخر بلا جامع معتبر إذ من الجائز أن يكون إدراك هذه الحاسة بخروج شيء منها إلى مدركها دون باقي الحواس الظاهرة احتج النفاة للانطباع بوجوه

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام