عَجَلٍ، ثُمَّ تَرَكَهُ أَرْبَعِينَ [1] ، يَنْظُرُ إِلَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ:"تَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ" [2] ، ثُمَّ نَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ فِي بَعْضِهِ الرُّوحُ ذَهَبَ لِيَجْلِسَ فَقَالَ اللهُ: {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} [الأنبياء: 37] ، فَلَمَّا تَبَالَغَ [3] فِيهِ الرُّوحُ عَطَسَ، فَقَالَ اللهُ لَهُ: قُلِ الْحَمْدُ للهِ. فَقَالَ: الْحَمْدُ للهِ. فَقَالَ اللهُ: رَحِمَكَ رَبُّكَ. ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ إِلَى أَهْلِ هَذَا الْمَجْلِسِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ. فَفَعَلَ، فَقَالَ: هَذِهِ تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ. ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ بِيَدَيْهِ فَأَخْرَجَ فِيهِمَا مَنْ هُوَ خَالِقٌ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ، ثُمَّ قَبَضَ قَبْضَتَيْنِ [4] ثُمَّ قَالَ: اخْتَرْ يَا آدَمُ. قَالَ: قَدِ اخْتَرْتُ يَمِينَكَ يَا رَبِّ، وَكِلْتَا يَدَيْكَ يَمِينٌ. فَبَسَطَهُمَا فَإِذَا فِيهِمَا ذُرِّيَّتُهُ، قَالَ: مَا هَؤُلَاءِ يَا رَبِّ؟ قَالَ: هُمْ مَنْ قَضَيْتُ أَنْ أَخْلُقَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ. فَإِذَا فِيهِمْ مَنْ لَهُ وَبِيصٌ [5] قَالَ: مَا هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هُمُ الْأَنْبِيَاءُ. قَالَ: فَمَنْ هَذَا الَّذِي لَهُ فَضْلُ وَبِيصٍ؟ قَالَ: هُوَ ابْنُكَ دَاوُدُ. قَالَ: وَكَمْ جَعَلْتَ عُمْرَهُ؟ قَالَ: سِتِّينَ سَنَةً. قَالَ: فَكَمْ عُمْرِي؟ قَالَ: أَلْفُ سَنَةٍ. قَالَ: زِدْهُ يَا رَبِّ مِنْ عُمْرِي أَرْبَعِينَ سَنَة، قَالَ: إِنْ شِئْتَ. قَالَ: فَقَدْ شِئْتُ، قَالَ: إِذًا تَكْتُبُ ثُمَّ تَخْتِمُ، ثُمَّ لَا يُبَدَّلُ. / [109/ب] ثُمَّ رَأَى فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ - عز وجل - مِنْهُمْ آخَرَ، لَهُ فَضْلُ وَبِيصٍ، قَالَ: فَمَنْ هَذَا يَا رَبُّ؟ قَالَ: هَذَا مُحَمَّدٌ، هُوَ آخِرُهُمْ، وَأَوَّلُهُمْ أُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ.
فَلَمَّا أَتَاهُ مَلَكُ الْمَوْتِ لِيَقْبِضَ نَفْسَهُ قَالَ: إِنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنْ عُمْرِي أَرْبَعِينَ [6] سَنَةً! ! قَالَ: أَوَلَمْ تَكُنْ وَهَبْتَهَا لِابْنِكَ
(1) في الشريعة للآجري:"أَرْبَعِينَ يَوْمًا".
(2) كذا، والذي في سورة [المؤمنون: 14] : {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} ، بالفاء.
(3) (تَبَالَغَ) كذا في الأصل والإبانة، وأما في القدر والشريعة:"تَتَابَعَ".
وتَبَالَغَ: من البلوغ، وهو الوصول إلى الشيء، يقال: تَبَالَغَ الدِّبَاغُ فِي الجِلْدِ: انْتَهَى فيهِ. ويُسَمَّى الإشراف والاقتراب من الوصول بلوغاً. لسان العرب (8/ 420) مادَّة: بلغ.
فيكون المعنى والله أعلم: أنَّ الرُّوحَ عندما أوشكت واقتربت من الوصول والاستقرار في مكانها، عَطَسَ آدَمُ - عليه السلام -.
(4) كذا، والذي في القدر والشريعة والإبانة:"ثُمَّ قَبَضَ يَدَيْهِ".
(5) الْوَبِيصُ: البَرِيقُ. وَقَدْ وَبَصَ الشَّيءُ يَبِصُ وَبِيصاً. النهاية (5/ 146) .
(6) (أَرْبَعِينَ) كذا، والمثبت في القدر والشريعة والإبانة كالجادة:"أَرْبَعُونَ".