فوقه، أو يحصره مخلوق أو يحيط به - سبحانه وتعالى - [1] .
وهذا قَوْلُ ابْنِ بَطَّةَ، والحافظ عبد الغنيِّ المقدسيِّ [2] ، وغيرهما [3] .
قال ابن بطَّة: «ينزل ربُّنا - عز وجل -» ولا نقول: إنَّه يزول، بل ينزل كيف شاء، لا نصف نزوله، ولا نحدُّه، ولا نقول: إنَّ نُزُولَهُ زَوَالُهُ [4] .
وقال الحافظ المقدسيُّ: «ومن قال يخلو العرش عند النُّزول أو لا يخلو، فقد أتى بقول مبتدع، ورأي مخترع [5] .
وقال ابن القيِّم: وأمَّا الَّذين أمسكوا عن الأمرين وقالوا: لا نقول يتحرَّك وينتقل، ولا ننفي ذلك عنه، فهم أسعد بالصَّواب والاتِّباع؛ فإنَّهم نطقوا بما نطق به النَّصُّ، وسكتوا عمَّا سكت عنه، وتظهر صحَّة هذه الطَّريقة ظهورًا تامًّا فيما إذا كانت الألفاظ الَّتي سكت النَّصُّ عنها مجملة محتملة لمعنيين: صحيح، وفاسد، كلفظ الحركة والانتقال والجسم والحيِّز والجهة والأعراض والحوادث والعلَّة والتَّغيُّر والتَّركيب، ونحو ذلك من الألفاظ الَّتي تحتها حقٌّ وباطل، فهذه لا تُقْبَلُ مُطْلَقًا، ولا تُرَدُّ مُطْلَقًا؛ فإنَّ الله - سبحانه - لم يُثْبِتْ لنفسه هذه المسمَّيات، ولم يَنْفِهَا عنه، فمن أثبتها مطلقًا فقد أخطأ، ومن نَفَاهَا مُطْلقًا فقد أخطأ؛ فإنَّ معانيها منقسمة إلى ما يمتنع إثباته لله، وما يجب إثباته له.
فإنَّ الانتقال يراد به انتقال الجسم والعرض من مكان هو محتاج إليه إلى مكان آخر يحتاج إليه، وهو يمتنع إثباته للرَّبِّ تعالى، وكذلك الحركة إذا أريد بها هذا المعنى امتنع إثباتها لله تعالى، ويراد بالحركة والانتقال حركة الفاعل من كونه فاعلاً، وانتقاله أيضًا من كونه غير فاعل
(1) شرح حديث النزول، لابن تيمية (ص 117، 191) .
(2) عَبْدُ الغَنِيِّ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عَلِيِّ بنِ سُرُوْرٍ المَقْدِسِيُّ، الجَمَّاعِيْليُّ سيأتي [778] .
(3) العرش، تأليف: الذهبي (1/ 224) ، شرح حديث النزول، لابن تيمية (ص 65) ، مجموع الفتاوى، لابن تيمية (5/ 414) ، مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، لابن القيم (ص 469) .
(4) الإبانة الكبرى، لابن بطة (7/ 237) .
(5) الاقتصاد في الاعتقاد، لعبد الغني المقدسي (ص 112) .