قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهذا قول السلف والأئمة، وأهل الحديث والكلام والفقه والتصوف [1] .
وممن قال بهذا القول: الإمام عبد الله بن المبارك، والإمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وعثمان بن سعيد الدارمي، وأبو عبد الله ابن بطة، وسأورد أقوالهم.
قيل لابن المبارك: كيف نعرف الله - عز وجل -؟ قال: على العرش بِحَدٍّ. قال أحمد بن حنبل: قد بلغني ذلك عنه، وأعجبه، ثمَّ قال أبو عبد الله: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} [البقرة: 210] ، ثمَّ قال: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: 22] [2] .
وقال عبد الله بن المبارك: «نعرف ربنا - عز وجل - فوق سبع سمواتٍ على العرش، بائن من خلقه بِحَدٍّ، ولا نقول كما قالت الجهمية: ها هنا، وأشار بيده إلى الأرض» [3] .
قيل لأحمد بن حنبل: يُحْكَى عن ابن المبارك - وقيل له: كيف تعرف ربَّنا؟ - قال: في السَّماء السَّابعة على عرشه بحدٍّ. فقال أحمد: هكذا هو عندنا [4] . فقلنا له - يعني لأحمد: ما معنى قول ابن المبارك"بحد"؟ قال: لا أعرفه، ولكن لهذا شواهد من القرآن في خمسة مواضع: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: 10] ، {أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: 17] ، و {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: 4] [5] .
وقال أحمد بن حنبل: ولله عرش، وللعرش حَمَلَةٌ يحملونه، وله حَدٌّ، والله أعلم بِحَدِّهِ [6] .
(1) درء تعارض العقل والنقل (6/ 301) .
(2) الإبانة الكبرى، لابن بطة (7/ 158) .
(3) رواه الدارمي في نقضه على المريسي (1/ 224) ، وعبد الله بن أحمد في السُّنَّة (216) . قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (5/ 184) : «وهذا مشهور عن ابن المبارك، ثابتٌ عنه من غير وجه» . وسيأتي [889] .
(4) درء تعارض العقل والنقل، لابن تيمية (2/ 34) .
(5) بيان تلبيس الجهمية، ابن تيمية (2/ 614) .
(6) العرش، الذهبي (1/ 254) .