يثبت أهل السُّنَّة والجماعة صفة الضحك لله تعالى كما جاءت في الأحاديث الشريفة.
وخالف ابن عبد البر وغيره فقالوا: المراد بالضحك الرحمة والرضوان والعفو والغفران [2] .
أدلة المثبتين:
هي أدلة كثيرة جدا، سأذكر بعضها، ، ،
-الدليل الأول: عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: آخِرُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ رَجُلٌ، فَهْوَ يَمْشِي مَرَّةً، وَيَكْبُو مَرَّةً، وَتَسْفَعُهُ النَّارُ مَرَّةً فَإِذَا أَدْنَاهُ مِنْهَا فَيَسْمَعُ أَصْوَاتَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، أَدْخِلْنِيهَا، فَيَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ مَا يَصْرِينِي مِنْكَ؟ أَيُرْضِيكَ أَنْ أُعْطِيَكَ الدُّنْيَا وَمِثْلَهَا مَعَهَا؟ قَالَ: يَا رَبِّ، أَتَسْتَهْزِئُ مِنِّي وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟"، فَضَحِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: أَلَا تَسْأَلُونِي مِمَّ أَضْحَكُ فَقَالُوا: مِمَّ تَضْحَكُ، قَالَ: هَكَذَا ضَحِكَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالُوا: مِمَّ تَضْحَكُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ:"مِنْ ضَحِكِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حِينَ قَالَ: أَتَسْتَهْزِئُ مِنِّي وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ فَيَقُولُ: إِنِّي لَا أَسْتَهْزِئُ مِنْكَ، وَلَكِنِّي عَلَى مَا أَشَاءُ قَادِرٌ [3] .
-الدليل الثاني: روى أَبُو هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - نحوه، ولفظه: « ... ثُمَّ يَقُولُ: أَيْ رَبِّ، أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ: أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ عُهُودَكَ وَمَوَاثِيقَكَ أَنْ لَا تَسْأَلَ غَيْرَ مَا أُعْطِيتَ؟ ، وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ، مَا أَغْدَرَكَ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، لَا أَكُونُ أَشْقَى خَلْقِكَ، فَلَا يَزَالُ يَدْعُو اللهَ حَتَّى يَضْحَكَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْهُ، فَإِذَا ضَحِكَ اللهُ مِنْهُ قَالَ: ادْخُلْ الْجَنَّةَ» [4] .
-الدليل الثالث: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصَابَنِي الجَهْدُ، فَأَرْسَلَ إِلَى نِسَائِهِ فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُنَّ شَيْئًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم: «أَلاَ رَجُلٌ يُضَيِّفُهُ
(1) بوب المصنِّف لصفة الضحك، وأخرج حديثا سيأتي برقم [816] .
(2) الاستذكار، لابن عبد البر (5/ 97) .
(3) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، بَابُ آخَرِ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا (1/ 174) (187) .
(4) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية (1/ 163) (182) .