فهرس الكتاب
الصفحة 95 من 103

وأقول إذا كان بعضُ من كَتَبَ في التّصوف من الأقدمين قد روى أحاديث لا تصح أو لا أصل لها ودوَّنها في كُتبه , فإنّ هذا لا يعني أن يستنَّ الجفري به ويقلّده في فعله , مع العلم أنّ العلماء قد أنكروا على هؤلاء , وأفتوا بعدم جواز تصدِّيهم للكتابة والتعليم والخطابة ما لم يتحروا الصحيح من الأحاديث , ولكن الفارق بين هؤلاء وبين الجفري أنّه زاد عليهم بأمر خطير , وهو أنّه يعزو الأحاديث الضعيفة إلى كتب الصحيح وهي ليست فيها , وهذا يسهم في إيهام الناس أن تلك الأحاديث صحيحة , وهذا أخطر بكثير من مجرّد روايتها دون عزوها , وكلا الأمرين قبيح , لأنّه يشوّه دين الإسلام وشريعة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.

مع العلم أنّ الصّفة الغالبة على كتب التّصوف والسّلوك المعروفة _ بقطع النّظر عن مضمونها الشرعي _ هي صفة التّرفّق مع الناس وتنمية غريزة التعاطف معهم , والتماس العذر لمن يُنكر على الصوفية , وتجنّب الصّدام والتجريح والغمز والطّعن بالآخر , بل تجنّب التعالي عليه , حتى قالوا (( الصّوفيُّ من صفت نفسه , فه لا يرى لنفسه على غيره مزّية ) ). ويُعلمون أتباعهم قاعدة هامّة: وهي أنّه يجوز للمُتفقِّه المشتغل بعلوم الفقه والحديث أن يُنكر على المتصوّف ما يخالف ظاهر الشرع (مع إحسان الظنّ به) , وليس للمتصوف أن ينكر على المتفقّه!

ولكن كتاب معالم السلوك للسيخ الجفر مخالفُ لكتب الصوفية التي عرفناها , فإنّه أوّل كتاب فبي التّصوف _ فيما أعلم _ مبنيُّ على الخصومة التصادم والشحناء والخلافيّات! وهذه الأمور كما هو معلوم متعارضة مع طريق التَّكية وتقويم السّلوك.

فَلَيتَ الشيخ الجفري تجنّب هذه المزالق وليته تجنّب تلك الأخطاء الكبيرة , وهذا ما نتمناه منه في الأجل القريب , ولأجل هذا كان هذا الكتاب وهذه الوقفات.

والله الموفّق لصالح الأعمال

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام