فهرس الكتاب
الصفحة 55 من 103

إنّ القرآن محفوظ بحفظ الله جلّ جلاله , والقرآن لا يحتاج إلى مِنَّةِ أحدٍ كي يحفظ بعد أن تكفّل الله تعالى بحفظه. وأكبر برهان على ذلك أنّ جميع الفرق الضالّة التي انقشت عن الإسلام تروي القرآن بحروفه ولا تستطيع الزيادة فيه أو النقص. وهذه هي معجزته - صلى الله عليه وسلم -.

وأمّا ما يدّعيه الجفري من كون أسانيد القرآن والقراءات يتخلّلها بعض أئمّة التصوّف فهذا عجيب حقاً!! ولماذا لا يسمّي لنا أولئك الأئمّة؟ فهل عنده سندُ فيه الحلاّج أو ابن عربي أو ابن سبعين أو ابن الفارض أو الجيلي أو ابن قسي أو ابن أحلى أو العفيف التلمساني أو البدوي أو الدسوقي أو الحداد أو السقاف أو أمثال هؤلاء؟! إذا كان عنده فليبزره لنا إن كان صادقاً!

إنّ مشيخة القرّاء منذ القرن الأوّل الهجري لم يكن فيهم من ينسب إلى التصوّف بل إنّ جميعهم كانوا على قدم السَّلف في اتّباع السنّة ونبذ البدع فكيف يظنّ الجفري أن يكون فيهم من يتلبّس بأمور مفضية إلى الشرك أو الكفر والعياذ بالله؟

ولم يزل الأمر فيهم كذلك , ففي القرن التاسع الهجري كان شيخ هذا الفنِّ وإمامه الإمام ابن الجزري الشافعي رحمه الله تعالى , الذي إليه منهى جلّ أسانيد القّراء المعروفة , هذا الإمام كان سُنّياً فاضلاً , أثنى عليه كلّ من ترجم له , ولم ينسبه أحدُ للتصوف , بل عرف عنه شدّة إنكاره لانحرافات الصوفيّة , ومن ذلك أنه كان يُنكر ما في كُتب غمام الصوفيّة الشيخ ابن عربي ويرى أنّ كلامه كفرُ ويجب على ولاة الأمور أن يعدموا كتبه! (1)

(1) ذكر ذلك الإمام برهان الدين البقاعي الشافعي (تلميذ الحافظ ابن حجر العسقلاني والفقيه تقي الدين الحصني) في كتابه (تنبيه الغبي) ص 176, نقلاً عن كتاب (تحذير النّبيه) للحافظ تقي الدين محمد الحسني الفاسي.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام