فهرس الكتاب
الصفحة 53 من 83

وكما قدمت آنفاً فإني لن أفصل في عرض هذه الأدلة بين ما يتعلق بالمسلم والمعاهد والمحارب بل نسرد الأدلة ونذكر وجوه الدلالة منها على المطلوب في موضعها مع الإشارة إلى خصوصيات كل دليل حسب الحاجة إن شاء الله.

1.عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الله قال: مَن عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب" [1] ، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:"قال الفاكهاني: في هذا تهديدٌ شديد لأن من حاربه اللهُ أهلكه، وهو من المجاز البليغ لأن مَن كَرِهَ مَن أحب الله خالف الله، ومن خالف الله عانده، ومن عانده أهلكه" [2] . وقال ابن تيمية رحمه الله:"فإذا كان من عادى واحذاً من الأولياء قد بارز اللهَ بالمحاربة، فكيف بمن عادى صفوة الله من أوليائه، فإنه يكون أشد مبارزةً له بالمحاربة، وإذا كان محارباً لله لأجل عداوته للرسول، فهو محارب للرسول بطريق الأولى، فثبت أن الساب للرسول محاربٌ لله ورسوله" [3] ، قلت: فإذا ثبت هذا تبين أن الساب لرسول الله صلى الله عليه وسلم منتقض الإيمان منتقض الأمان مستحق للقتل، وهو المطلوب.

2.عن أنس رضي الله عنه قال:"كان رجلٌ نصرانياً فأسلم وقرأ البقرة وآل عمران، فكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم، فعاد نصرانياً فكان يقول: ما يدري محمد إلا ما كتبتُ له، فأماته الله فدفنوه فأصبحَ وقد لفظته الأرض. فقالوا: هذا فِعل محمد وأصحابه، لما هرب منهم نبشوا عن صاحبنا، فألقوه فحفروا له فأعمقوا، فأصبح وقد لفظته الأرض، فقالوا: هذا فعل محمد وأصحابه نبشوا عن صاحبنا لما هرب منهم، فألقوه فحفروا له وأعمقوا له في الأرض ما استطاعوا، فأصبح قد لفظته الأرض، فعلموا أنه ليس من الناس فألقوه" [4] ، قال العيني رحمه الله:"وفي رواية ثابت: فما لبث أن قصم الله عنقه فيهم" [5] ، قلت: أي في قومه من النصارى الكفار لأنه لحق بهم بعد أن ارتد، وكان يطعن في نبوة النبي صلى الله عليه وسلم ويزعم أن ما كان يأتي به صلوات الله وسلامه عليه من الوحي إنما علَّمه إياه هو، وواضحٌ ما في هذا من نسبة الكذب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سبيل الطعن والتنقص والإزراء به صلوات الله وسلامه عليه، ورواه مسلم في صحيحه أيضاً عن أنس بن مالك قال:"كان منا رجلٌ من بني النجار قد قرأ البقرة وآل عمران، وكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق هارباً حتى لحق بأهل الكتاب، قال: فرفعوه؛ قالوا هذا قد كان يكتب لمحمد، فأُعجبوا به، فما لبث أن قصم الله عنقه فيهم، فحفروا له فواروه فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها، ثم عادوا فحفروا له فواروه فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها، ثم عادوا فحفروا له فواروه فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها، فتركوه منبوذاً" [6] ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:"فهذا الملعون الذي افترى على النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما كان يدري إلا ما كتب له قصمه الله وفضحه، بأن أخرجه من القبر بعد أن دُفن مراراً، وهذا أمرٌ خارج عن العادة يدل كل أحد على أن هذا عقوبة لما قاله وأنه كان كاذباً، إذ كان عامة الموتى لا يصيبهم مثل هذا، وأن هذا الجرم أعظم من مجرد الارتداد إذ كان عامة المرتدين يموتون ولا يصيبهم مثل هذا، وأن الله منتقمٌ لرسوله ممن طعن عليه وسبَّه ومظهرٌ لدينه ولكذب الكاذب إذا لم يُمكن الناس أن يقيموا عليه الحد. ونظير هذا ما حدثناه أعداد من المسلمين العدول أهل"

(1) صحيح البخاري - 5/ 2384

(2) فتح الباري - 11/ 342 - 343

(3) الصارم المسلول - 3/ 728

(4) صحيح البخاري - 3/ 1325

(5) عمدة القاري - 16/ 150

(6) صحيح مسلم - 4/ 2145

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام