فهرس الكتاب
الصفحة 963 من 2064

الخامس التقدم بالرتبة بأن يكون المتقدم أقرب إلى مبدأ معين والترتب إما عقلي كما في الأجناس المترتبة على سبيل التصاعد والأنواع الإضافية المترتبة على سبيل التنازل فإن كل واحد من هذه الأمور المترتبة واقع في مرتبة يحكم العقل باستحالة وقوعه في غيرها أو وضعي وهو أن يكفي وقوع المتقدم في مرتبة المتأخر كما في صفوف المسجد ويختلف ذلك أي التقدم الرتبي حيث يصير المتقدم متأخرا والمتأخر متقدما بما تجعله أنت مبدأ فقد تبتدئ من المحراب فيكون الصف الأول متقدما على الصف الأخير وقد تبتدئ من الباب فينعكس الحال وقس على ذلك حال الأجناس فإنك إذا جعلت الجوهر مبدأ كان الجسم متقدما على الحيوان وإن جعلت الإنسان مبدأ فبالعكس وقال المتكلمون ههنا نوع آخر من التقدم مغاير للوجوه الخمسة المتقدمة كما لأجزاء الزمان بعضها على بعض مثل تقدم الأمس على اليوم واليوم على الغد فإنه ليس تقدما بالعلية ولا بالذات لعدم الاقتران واستحالته فيما بين أجزاء الزمان مع أن المتقدم والمتأخر في هذين النوعين من التقدم يجوز اجتماعهما بل يجب ولا بالشرف والرتبة وهو ظاهر فإن الأمس واليوم مثلا متشابهان في الفضيلة وليس بين أجزاء الزمان ترتب عقلي ولا وضعي بل نقول امتناع الاجتماع كاف لنا في نفي هذه الأربعة ولا بالزمان وإلا لزم التسلسل في الأزمنة بأن يكون كل زمان في زمان آخر وقد أبطلنا ذلك بوجهين في مباحث الزمان وقد يجاب عنه بأن ذلك التقدم الذي بين أجزاء الزمان هو التقدم بالزمان أعني التقدم الذي لا يجامع فيه المتقدم المتأخر وأنه أي هذا التقدم الذي سميناه التقدم الزماني لا يعرض أولا وبالذات إلا للزمان فإذا أطلقناه على غيره كان ذلك تقدما بالعرض لا بالذات كما حققناه في تقدم موسى على عيسى عليهما السلام كما أن القسمة تعرض للكم عروضا ذاتيا فإذا عرضت لغيره كان بواسطة الكم وذلك لا يوجب للكم كما آخر فكذلك ههنا إذا قلنا لغير الزمان أنه متقدم هذا التقدم أردنا أن زمانه متقدم ولا يوجب ذلك أن يكون للزمان زمان وقد مر في مباحث الزمان نوع تفصيل لهذا المقام وهذا الذي ذكرناه أعني القسم السادس من التقدم

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام