فهرس الكتاب
الصفحة 831 من 2064

وثانيهما أنه لا يمكن أن تحصل اللذة بطريق آخر سوى دفع الألم ومما ينبه على أنه قد تحدث اللذة بطريق سواه ما يوجب اللذة دفعة بلا شوق إليه ولا أن يخطر بالبال حتى يقال إنها أي اللذة التي أوجبها ذلك الشيء دفع لألم الشوق إليه إذ لا إمكان للشوق بدون الشعور وذلك الموجب للذة دفعة مثل النظر إلى وجه مليح والعثور على مال بغته والاطلاع على مسألة علمية فجأة فإن الإنسان يلتذ بهذه الأشياء ولم يكن له ألم بفقدانها فقد ظهر أن دفع الألم على تقدير كونه سببا لحصول اللذة ليس سببا مساويا لها وقد يقال إنه كان مدركا لكليات هذه الأشياء ومشتاقا إليها في ضمن جميع جزئياتها ومتألما بفقدانها وإن لم يكن له شعور بهذه المعينات فإذا حصلت له هذه الجزئيات زال عنه بعض ذلك الألم وإذا حصل له جزئيات أخر زال بعض آخر وهكذا فلا يتحقق لذة بلا زوال ألم ثم قال الحكماء الألم سببه الذاتي تفرق الاتصال فقط بالتجربة وهذا مذهب جالينوس فالحار إنما يوجع ويؤلم لأنه يفرق الاتصال وكذا البارد يلزمه تفرق الاتصال لأنه لشدة تكثيفه وجمعه يوجب انجذاب الأجزاء إلى ما يتكاثف إليه ويلزم من ذلك تفرقها مما تنجذب عنه والأسود الحالك المظلم يؤلم لشدة جمعه والأبيض اليقق لشدة تفريقه والمر والحامض من المذوقات يؤلمان لفرط التفريق والعفص والقابض لفرط التقبيض المستشيع للتفريق وكذا الحال في المشمومات فبعضها مفرق وبعضها مكثف والأصوات القوية تؤلم بالتفريق التابع لعنف الحركة الهوائية عند ملاقاة الصماخ

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام