فهرس الكتاب
الصفحة 533 من 2064

تكون الأزمنة كلها واحدة حقيقة وهو باطل بديهة وفيه نظر إذ المذكور في المباحث المشرقية أن الزمان كالحركة له معنيان

أحدهما أمر موجود في الخارج غير منقسم وهو مطابق للحركة بمعنى الكون في الوسط

والثاني أمر متوهم لا وجود له في الخارج فإنه كما أن الحركة بمعنى التوسط تفعل الحركة بمعنى القطع كذلك هذا الأمر الذي هو مطابق لها وغير منقسم مثلها يفعل بسيلانه أمرا ممتدا وهميا هو مقدار للحركة الوهمية قال فهذا الذي أثبتنا له الوجود في الخارج من الزمان هو الذي يسمى بالآن السيال فقد تحقق من كلامه أنه لا فرق بين الحركة والزمان في أن الموجود منها أمر لا ينقسم ولا ينطبق على المسافة حتى يلزم تركبهما من أجزاء لا تتجزأ فكما أنه ليس يلزم من استمرار الحركة السيالة التي لا تنقسم أن تجتمع الأجزاء المفروضة في الحركة الممتدة بعضها مع بعض كذلك لا يلزم من استمرار الزمان الذي لا ينقسم أعني مقدار الحركة الغير منقسمة أن تجتمع الأجزاء المفروضة في الزمان المنقسم الذي هو مقدار الحركة المنقسمة فمن أين يلزم أن يوجد زمان الطوفان في الآن ولو وجب ذلك لوجب أن توجد الحركة في أول المسافة مع الحركة في آخرها ثم إن ههنا بحثا آخر وهو أن الزمان عند الحكماء إما ماض وإما مستقبل فليس عندهم زمان هو حاضر بل الحاضر هو الآن الموهوم الذي هو حد مشترك بينهما بمنزلة النقطة المفروضة على الخط وليس جزءا من الزمان أصلا لما عرفت من أن الحدود المشتركة بين أجزاء الكم المتصل مخالفة لها في الحقيقة فلا يصح حينئذ أن الزمان الماضي ما كان حاضرا والمستقبل ما سيحضر فكما أنه لا يمكن أن يفرض في خط واحد نقطتان متلاقيتان بحيث لا تنطبق إحداهما على الأخرى فكذلك لا يمكن أن يفرض في الزمان آنان

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام