فهرس الكتاب
الصفحة 48 من 2064

فلو علم العلم بغيره لزم الدور لتوقف معلومية كل منهما على معلومية الآخر حينئذ وهذا الوجه على تقدير صحته حجة على من يقول إنه أي مطلق العلم معلوم بحسب حقيقته لكن لا بالضرورة فإنه إذا لم يسلم كونه معلوما كذلك اتجه أن يقال لا يلزم من امتناع كونه مكتسبا أن يكون ضروريا لجواز أن يكون تصوره بكنهه ممتنعا

والجواب أن غير العلم إنما يعلم بحصول علم جزئي متعلق به لا بتصور حقيقة العلم المطلق فإن أكثر الناس يعلمون أشياء كثيرة وليسوا يتصورون حقيقة العلم المطلق والذي نحاول أن نعلمه أي نطلب أن نحصله على ذلك التقدير بغير العلم تصور حقيقة العلم فلا دور إذ اللازم أن يكون تصور حقيقة العلم موقوفا على حصول علم جزئي متعلق بذلك الغير وعلى حصول حقيقة العلم في ضمن ذلك الجزئي أيضا فيتوقف تصور حقيقته على حصولها في ضمن بعض جزئياتها وليس ذلك الحصول متوقفا على تصور حقيقته فلا دور وحاصل حل الشبهتين بالفرق بين حصول العلم المطلق بنفسه في الذهن وبين تصوره وذلك لأن منشأهما عدم الفرق بينهما ففي الشبهة الأولى تخيل أنه إذا حصل بالضرورة علم جزئي قائم بالنفس كانت ماهية العلم حاصلة بالضرورة في ضمنه قائمة بالنفس أيضا وهذا معنى كون تلك الماهية متصورة وفي الشبهة الثانية تخيل أن تصور ماهية العلم إذا توقف على حصول علم جزئي متعلق بالغير ولا شك أنه يتوقف على حصول ماهيته في ضمنه قائمة في الذهن وهذا معنى تصورها فقد توقف كل منهما على الآخر وإذا ظهر الفرق بينهما بأن ارتسام ماهية العلم في النفس على وجهين

أحدهما أن ترتسم فيها بنفسها في ضمن جزئياتها وذلك حصولها وليس تصورها ولا مستلزما له على قياس حصول الشجاعة للنفس الموجب لاتصافها بها من غير أن تتصورها

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام