فهرس الكتاب
الصفحة 47 من 2064

فإن التصديق البديهي ما لا يتوقف بعد تصور الطرفين على نظر فجاز أن تكون تصوراته بأسرها كسبية فلا يصح الاستدلال ببداهة التصديق على بداهة شيء من تصوراته أصلا

قلت في رد هذا الجواب إن المدعي حصول هذا التصديق بلا نظر في الحكم ولا في شيء من أطرافه إذ لا تخلو عنه البله والصبيان الذين لا يتأتى منهم الاكتساب لا في حكم ولا في تصور والنزاع في التسمية بأن التصديق إنما هو الحكم وحده وتصورات أطرافه شروط له خارجة عنه فالبديهي منه هو الحكم المستغني عن الاستدلال وإن كانت تصوراته نظرية وليس التصديق عبارة عن المجموع المركب من الحكم وتصورات أطرافه حتى تكون بداهته مستلزمة لبداهة تصوراته لا يجدي طائلا في هذا المقام لما عرفت من أن هذا التصديق الذي نحن فيه مستغن عن النظر مطلقا ثم شرع في جواب لا يقال بقوله لأنا نقول يكفي في التصديق تصور الطرفين بوجه ما ولا يحتاج فيه إلى تصورهما بالكنه كما نحكم على جسم معين مشاهد من بعيد بأنه شاغل لحيز معين مع الجهل بحقيقته هل هو إنسان أو حجر بل ومع الجهل بحقيقة الحيز والشغل بل نحكم بأن الواجب تعالى إما نفس أو لا وإن لم نعلم حقيقتهما بكنههما بل باعتبار أمر عام عارض لهما ككونه صانعا للعالم وكونها مدبرة للبدن مثلا فاللازم مما ذكرتم أن يكون تصور مطلق العلم بوجه ما بديهيا ولا نزاع فيه بل في تصوره بحسب الحقيقة

الوجه الثاني أن العلم لو كان كسبيا معروفا فإما أن يتعرف بنفسه وهو باطل قطعا أو بغيره وهو أيضا باطل لأن غير العلم إنما يعلم بالعلم

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام