فهرس الكتاب
الصفحة 1692 من 2064

إحداها أي إحدى الأمور المختصة به أن يكون له اطلاع على المغيبات الكائنة والماضية والآتية

ولا يستنكر هذا الاطلاع لأن النفوس الإنسانية مجردة في ذاتها عن المادة غير حالة فيها بل هي لا مكانية ولها نسبة في التجرد إلى المجردات العالية والنفوس السماوية المنتقشة بصور ما يحدث في هذا العالم العنصري الكائن الفاسد لكونها مبادي له

فقد تتصل النفس الناطقة بها أي بتلك المجردات اتصالا معنويا وتنجذب إليها بواسطة الجنسية

وتشاهد ما فيها من صور الحوادث فتحكيها أي يرتسم فيها من تلك الصور ما لا تستعد هي لارتسامه فيها كمرآة يحاذى بها مرآة أخرى فيها نقوش فينعكس منها إلى الأول ما يقابلها

ويؤيده أي يدل على جواز ما قلنا من أن تكون للنبي نفس قوية بهذه المرتبة ما ترى النفوس أي رؤية النفوس البشرية وما هي عليها من التفاوت في إدراك المعاني العقلية في طرفي الزيادة والنقصان تفاوتا متصاعدا إلى النفوس القدسية التي تدرك النظريات الكثيرة بالحدس في أقرب زمان غير أن يعرض لها غلط

ومتنازلا إلى البليد الذي لا يكاد يفقه قولا

وكيف يستنكر ذلك الاطلاع في حق النبي وقد يوجد ذلك فيمن قلت شواغله لرياضة بأنواع المجاهدات أو مرض صارف للنفس عن الاشتغال بالبدن واستعمال الآلة

أو نوم ينقطع به إحساساته الظاهرة

فإن هؤلاء قد يطلعون على مغيبات ويخبرون عنها كما يشهد به التسامع والتجارب بحيث لا يبقى فيه شبهة للمنصفين

قلنا ما ذكرتم مردود بوجوه إذ الاطلاع على جميع المغيبات لا يجب للنبي اتفاقا منا ومنكم

ولهذا قال سيد الأنبياء ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء

والبعض أي الاطلاع على البعض لا يختص به أي بالنبي كما أقررتم به حيث جوزتموه للمرتاضين والمرضى والنائمين

فلا يتميز به النبي

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام