فهرس الكتاب
الصفحة 1655 من 2064

الأغراض والعلل الغائية ووافقهم على ذلك جهابذة الحكماء وطوائف الإلهيين

وخالفهم فيه المعتزلة وذهبوا إلى وجوب تعليلها

وقالت الفقهاء لا يجب ذلك

لكن أفعاله تابعة لمصالح العباد تفضلا وإحسانا

لنا في إثبات مذهبنا بعدما بينا من أنه لا يجب عليه تعالى شيء فلا يجب حينئذ أن يكون فعله معلالا بغرض

ولا يقبح منه شيء فلا يقبح أن تخلو أفعاله عن الأغراض بالكلية وذلك يبطل مذهب المعتزلة وجهان يبطلان المذهبين معا

أعني وجوب التعليل ووقوعه تفضلا

أحدهما لو كان فعله تعالى لغرض من تحصيل مصلحة أو دفع مفسدة لكان هو ناقصا لذاته مستكملا بتحصيل ذلك الغرض لأنه لا يصلح غرضا للفاعل إلا ما هو أصلح له من عدمه وذلك لأن ما استوى وجوده وعدمه بالنظر إلى الفاعل أو كان وجوده مرجوحا بالقياس إليه لا يكون باعثا له على الفعل وسببا لإقدامه عليه بالضرورة

فكل ما كان غرضا وجب أن يكون وجوده أصلح للفاعل وأليق به من عدمه وهو معنى الكمال فإذن يكون الفاعل مستكملا بوجوده وناقصا بدونه

فإن قيل لا نسلم الملازمة لأن الغرض قد يكون عائدا إلى الفاعل فيلزم ما ذكرتم من النقصان والاستكمال

وقد يكون عائدا إلى غيره فلا يلزم فليس يلزم من كونه تعالى فاعلا لغرض أن يكون من قبيل الأول

إذ ليس كل من يفعل لغرض يفعل لغرض نفسه بل ذلك في حقه تعالى محال لتعاليه عن التضرر والانتفاع فتعين أن يكون غرضه راجعا إلى عباده وهو الإحسان إليهم بتحصيل مصالحهم ودفع مفاسدهم

ولا محذور في ذلك

قلنا نفع غيره والإحسان إليه إن كان أولى بالنسبة إليه تعالى من عدمه جاء الإلزام لأنه تعالى يستفيد حينئذ بذلك النفع والإحسان ما هو أولى به وأصلح له

وإلا أي وإن لم يكن أولى بل كان مساويا أو مرجوحا لم يصلح أن يكون غرضا له لما مر من العلم الضروري بذلك بل نقول كيف ندعي وجوب تعليل أفعاله

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام