فهرس الكتاب
الصفحة 1492 من 2064

كالقرآن الذي يعلم أولا أنه معجزة خارجة عن قوة البشر ثم يعلم به صدق الدعوى أم لم يثبت كما إذا كانت المعجزة شيئا آخر ثم إن ههنا قياسين متعارضين

أحدهما إن كلام الله تعالى صفة له

وكل ما هو صفة له فهو قديم

فكلامه تعالى قديم

وثانيهما إن كلامه مؤلف من أجزاء مترتبة متعاقبة في الوجود

وكل ما هو كذلك فهو حادث

فكلامه تعالى حادث

فافترق المسلمون إلى فرق أربع ففرقتان منهم ذهبوا إلى صحة القياس الأول

وقدحت واحدة منهما في صغرى القياس الثاني

وقدحت الأخرى في كبراه

وفرقتان أخريان ذهبوا إلى صحة الثاني وقدحوا في إحدى مقدمتي الأول على التفصيل المذكور

وإلى ما ذكرناه أشار المصنف رحمه الله بقوله ثم قال الحنابلة كلامه حرف وصوت يقومان بذاته

وأنه قديم

وقد بالغوا فيه حتى قال بعضهم جهلا الجلد والغلاف قديمان فضلا عن المصحف

فهؤلاء صححوا القياس الأول ومنعوا كبرى القياس الثاني

وهذا باطل بالضرورة

فإن حصول كل حرف من الحروف التي تركب منها كلامه على زعمهم مشروط بانقضاء الآخر منها فيكون له أي للحرف المشروط أول فلا يكون قديما وكذا يكون للحرف الآخر انقضاء فلا يكون هو أيضا قديما بل حادثا فكذا المجموع المركب منها أي من الحروف التي لها أول زمان وجود وآخره أو اجتمعا معا فيها فيكون حادثا لا قديما

والكرامية وافقوا الحنابلة في أن كلامه حروف وأصوات

وسلموا أنها حادثة لكنهم زعموا أنها قائمة بذاته تعالى لتجويزهم قيام الحوادث به فقد قالوا بصحة القياس الثاني وقدحوا في كبرى القياس الأول

وقالت المعتزلة كلامه تعالى أصوات وحروف كما ذهبت إليه الفرقتان المذكورتان

لكنها ليست قائمة بذاته تعالى بل يخلقها الله في غيره كاللوح المحفوظ أو جبريل أو النبي

وهو حادث كما ذهبت إليه الكرامية خلافا للحنابلة

فهم أيضا صححوا القياس الثاني لكنهم قدحوا في صغرى

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام