فَمَكِّنْ جَبْهَتَكَ، وَلَا تَنْقُرُ نَقْرًا، وَصَلِّ أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ»، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، فَإِنْ أَنَا وَصَلْتُ [1] بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: «فَأَنْتَ إِذًا مُصَلٍّ، وَصُمْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ: ثَلَاثَ عَشْرَةَ، وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ» ، فَقَامَ الثَّقَفِيُّ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْأَنْصَارِيِّ فَقَالَ: «إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ عَمَّا جِئْتَ تَسْأَلُ، وَإِنْ شِئْتَ سَأَلْتَنِي وَأُخْبِرْكَ» ، فَقَالَ: لَا يَا نَبِيَّ اللهِ، أَخْبَرَنِي عَمَّا جِئْتُ أَسْأَلُكَ، قَالَ: «جِئْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ الْحَاجِّ مَا لَهُ حِينَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ؟ وَمَا لَهُ حِينَ يَقُومُ بِعَرَفَاتٍ؟ وَمَا لَهُ حِينَ يَرْمِي الْجِمَارَ؟ وَمَا لَهُ حِينَ يَحْلِقُ رَأْسَهُ؟ وَمَا لَهُ حِينَ يَقْضِي آخِرَ طَوَافِهِ بِالْبَيْتِ؟ » فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَخْطَأْتَ مِمَّا كَانَ فِي نَفْسِي شَيْئًا، قَالَ: «فَإِنَّ لَهُ حِينَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ أَنَّ رَاحِلَتَهُ لَا تَخْطُو خُطْوَةً إِلَّا كُتِبَ لَهُ بِهَا حَسَنَةٌ، أَوْ حُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ، وَإِذَا وَقَفَ بِعَرَفَةَ، فَإِنَّ اللهَ يَنْزِلُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي شُعْثًا غُبْرًا، اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ ذُنُوبَهُمْ، وَإِنْ كَانَتْ عَدَدَ قَطْرِ [2] السَّمَاءِ وَرَمْلِ عَالِجٍ [3] ، وَإِذَا رَمَى الْجِمَارَ: لَا يَدْرِي أَحَدٌ مَا لَهُ حَتَّى يُوَفَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِذَا حَلَقَ رَأْسَهُ فَلَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَقَطَتْ مِنْ رَأْسِهِ نُورٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِذَا قَضَى آخِرَ طَوَافِهِ بِالْبَيْتِ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» [4] .
(1) في مطبوعتَي الألباني وشعيب:"صَلَّيْتُ"..
(2) ألحق تاء مربوطة بـ (قطر) في آخرها، لكنه ضرب عليها.
(3) قال ياقوت: عَالِجٌ: رمال بين فيد والقريات ينزلها بنو بحتر من طيّء، وهي متصلة بالثعلبية على طريق مكة، لا ماء بها، ولا يقدر أحد عليهم فيه، وهو مسيرة أربع ليال، وفيه برك إذا سالت الأودية امتلأت، وذهب بعضهم إلى أن رمل عالج هو متصل بوبار.
وقال عاتق الحربي: عَالِجٌ: رَمْلٌ عَظِيمٌ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ يَمُرُّ فِي شَمَالِ نَجْدٍ قُرْبَ مَدِينَةِ حَائِلَ إلَى شَمَالِ تَيْمَاءَ، وَقَدْ سُمِّيَ قِسْمُهُ الْغَرْبِيُّ «رَمْلُ بُحْتُرِي» نِسْبَةٌ إلَى قَبِيلَةٍ مِنْ طَيِّئٍ تَمَلَّكَتْهُ، وَيُسَمَّى الْيَوْمَ «النفود» جَمْعُ نِفْدٍ، وَهُوَ الْقَوْزُ أَوْ الدِّعْصُ مِنْ الرَّمْلِ.
معجم البلدان (4/ 70) مادَّة: عالج. معجم الْمَعَالِمِ الْجُغْرَافِيَّةِ فِي السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ (ص 197) .
(4) مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الحَرِيرِيُ: هو ابْنُ أَبِي الهَيْجَاءِ، مضى [738] . وَأَبُو رَوْحٍ الهَرَوِيُّ: هو عَبْدُ الْمُعِزِّ، مضى [835] .
الحديث أخرجه ابن حبان في صحيحه (1887) ومن طريقه أخرجه المصنِّف.
قال البيهقي: إسناده حسن (وسيأتي في الهامش التالي) . وقال الألباني في التعليقات الحسان (1884) : حسن لغيره. وقال شعيب الأرنؤوط في تحقيقه لصحيح ابن حبان: إسناده ضعيف.
وأخرجه البزار (6177) والخطيب في الجامع لأخلاق الراوي (654) من طريق ابن هَيَّاجٍ، به، واختصره الخطيب. وهو بتمامه في جزء من حديث مُشْرِقِ بن عبد الله الحُنَيْفِيُّ، منشور على الشبكة العنكبوتية، وهو في الظاهرية. فهرس الظاهرية للألباني (ص 355) .
وسيأتي من حديث أنس - رضي الله عنه - [1208] ، وانظر تخريج المصنِّف.