قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَيَّ عَبْدُ اللهِ، فَدَخَلْتُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ غَضَباً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: وَيْلَكَ إِسْحَاقَ! تَزْعُمُ اَنَّ اللهَ - عز وجل - يَنْزِلُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا؟ قَالَ: فَقُلْتُ: أَيُّهَا الأَمِيرُ، لَسْتُ أَنَا أَقُولُهُ، قَالَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ [1] ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَغَرِّ أَبِي مُسْلِمٍ [2] قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ أَنَّهُمَا قَالَا: نَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِنَّ اللهَ - عز وجل - يَنْزِلُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فِي كُلِّ لَيْلَةٍ فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ .. » الحَدِيث. وَلَكِنْ مُرْهُمْ يُنَاظِرُونِي. فَقَالَ لَهُمْ: نَاظِرُوهُ. فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهِمْ فَقُلْتُ: أَخْبِرُونِي، يَسْتَطِيعُ - عز وجل - أَنْ يَنْزِلَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فِي كُلِّ لَيْلَةٍ وَلَا يَخْلُو مِنْهُ العَرْشُ؟ أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ؟ قَالَ: فَأَطْرَقَ القَوْمُ رُؤُوسَهُمْ، فَقُلْتُ: أَيُّهَا الأَمِيرُ، مُرْهُمْ فَلْيُجِيبُوا. فَقَالَ لَهُمْ: أَجِيبُوهُ. فَسَكَتُوا، فَقَالَ لِي: وَيْحَكَ يَا إسْحَاقَ، عَنْ (مَاذَا) [3] سَأَلْتُهُمْ؟ قَالَ: قُلْتُ لَهُمْ: يَسْتَطِيعُ - عز وجل - أَنْ يَنْزِلَ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا وَلَا يَخْلُو مِنْهُ العَرْشُ؟ أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ؟ فَإِنْ قَالُوا"نَعَم": فَهُوَ عَلَى العَرْشِ وَفِي سَمَاءِ الدُّنْيَا وَفِي كُلِّ مَكَانٍ [4] ، وَإِنْ قَالُوا"إِنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ": فَهُوَ عَاجِزٌ مِثْلِي وَمِثْلُكَ. قَالَ: فَقَالَ: ذِهِ. وَاَمَرَ بِهِمْ فَضُرِبُوا وَأُخْرِجُوا [5] .
(1) أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشِ بنِ سَالِمٍ الأَسَدِيُّ، الكُوْفِيُّ، الْمُقْرِئُ، الحَنَّاطُ، ثقة عابد إلا أنه لما كبر ساء حفظه، وكتابه صحيح، ع. التقريب (7985) .
(2) الأَغَرُّ، أَبُو مُسْلِمٍ الْمَدَنِيُّ، نَزِيلُ الْكُوفَةِ، ثقة، بخ م 4. التقريب (544) .
(3) في الأصل:"ماذي"..
(4) كذا، والذي في شرح حديث النزول:"فهو ينزل إلى السماء الدنيا كيف يشاء، ولا يخلو منه المكان".
(5) في إسناده عبد الله بن وهب، وهو الدِّينَوَرِيُّ، رماه الدارقطني بالوضع، مضى [940] ، وابن ماهلة: مضى [1062] . وأبو إسحاق: هو السَّبِيعِيُّ، ثقة مكثر عابد، اختلط بأخرة، مضى [809] .
الخبر أخرجه اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (774) والبيهقي في الأسماء والصفات (950 - 953) بأسانيدَ، بعضها صحيحة، وهي مختصرة عندهما، وله أوجه، وهي إما قصة واحدة أو مجالس متكررة حول ذات الموضوع.
وأورده الذهبي في العلو (483) وكتاب العرش (1/ 230) (2/ 321) وكتاب الأربعين في صفات رب العالمين (59) وتاريخ الإسلام (5/ 787) وسير أعلام النبلاء (11/ 376) وابن تيمية في"شرح حديث النزول" (ص 39، 40، 48، 49، 51) وصحَّحاه. وانظر: مختصر العلو (192) . وسيأتي الحديث المرفوع [1114] من طريق أبي إسحاق، به. وانظر التالي.