فهرس الكتاب
الصفحة 419 من 675

مِنْكِ مَا رَأَيْتُ"، ثُمَّ يَنْطَلِقُ إِلَى غَدِيرٍ / [108/أ] بَيْنَ يَدَيِ بَابِ الْجَنَّةِ، فَيَغْتَسِلُ مِنْهُ وَيَشْرَبُ، فَيَعُودُ إِلَيْهِ مِثْلُ أَلْوَانِ [1] الْجَنَّةِ وَرِيحِهِمْ، ثُمَّ يَنْطَلِقُ إِلَيْهَا وَقَدْ سَبَقَهُ النَّاسُ، فَيَنْظُرُ إِلَى أَدْنَى مَنْزِلٍ مِنْهَا عَلَى بَابِهَا مَا لَمْ يَخْطِرْ عَلَى بَالِهِ أَنْ يَرَى مِثْلَهُ، وَلَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا فَتَتُوقَ نَفْسُهُ إِلَيْهِ، فَيَقُولُ: رَبِّ أَنْزِلْنِي هَذَا الْمَنْزِلَ. فَيَقُولُ: تَسْأَلُنِي مَنْزِلًا مِنَ الْجَنَّةِ وَقَدْ أَنْجَيْتُكَ مِمَّا رَأَيْتَ؟ يَقُولُ: إِنَّمَا أُرِيدُ أَنْ تَجْعَلَ بَيْنِي وَبَيْنَ النَّارِ هَذَا الْبَابَ، فَلَا أُرَاهَا وَلَا أَسْمَعُ حَسِيسَهَا."

يَقُولُ: لَعَلَّكَ إِنْ أَعْطَيْتُكَ هَذَا تَسْأَلُنِي غَيْرَهُ؟ يَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ لَا أَبْغِي غَيْرَهُ، وَلَا أَجِدُ أَفْضَلَ مِنْهُ. يَقُولُ: فَهُوَ لَكَ. فَإِذَا أَتَاهُ نَظَرَ بَيْنَ يَدَيْهِ إِلَى مَنْزِلٍ كَأَنَّمَا كَانَ مَنْزِلُهُ مَعَهُ حُلْمًا، فَلَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ حَتَّى يَنْطَلِقَ إِلَيْه، يَقُولُ: رَبِّ أَنْزِلْنِي هَذَا الْمَنْزِلَ. قَالَ: فَيَقُولُ: فَأَيْنَ مَا أَقْسَمْتَ لِي عَلَيْهِ؟ يَقُولُ: هَذَا الْمَنْزِلُ الْوَاحِدُ. يَقُولُ: فَلَعَلَّكَ تَسْأَلُنِي غَيْرَهُ؟ يَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ، لَا أَسَلُكَ غَيْرَهُ. يَقُولُ: فَهُوَ لَكَ. [2] فَإِذَا أَتَاهُ رَأَى مَنْزِلًا كَأَنَّمَا كَانَتْ تِلْكَ [3] عِنْدَهُ حُلْمًا، فَيَقُومُ مَبْهُوتًا [4] لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَكَلَّمَ، فَيَقُولُ: مَا لَكَ لَا تَسْأَلُنِي؟ فَيَقُولُ: رَبِّ قَدْ سَأَلْتُكَ حَتَّى خَشِيتُ مَقْتَكَ [5] ، وَقَدْ أَقْسَمْتُ لَكَ حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ.

فَيَقُولُ: مَا الَّذِي تَرْضَى؟ - وَلَا يَدْرِي مَاذَا أَعَدَّ اللَّهُ لِأَهْلِ الْكَرَامَةِ، وَلَمْ يَرَ إِلَّا الدُّنْيَا وَمُلْكَهَا -، فَيَقُولُ: أَيُرْضِيكَ أَنْ أَجْمَعَ لَكَ الدُّنْيَا مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ خَلَقْتُهَا إِلَى آخِرِ يَوْمٍ أَفْنَيْتُهَا، ثُمَّ أُضَعِّفُهَا لَكَ عَشَرَةَ أَضْعَافٍ؟ فَيَقُولُ: أَتَسْتَهْزِئُ بِي وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ فَيَقُولُ: لَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ، وَلَكِنِّي قَادِرٌ أَنْ أَفْعَلَهُ».

قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ [6] : لَقَدْ سَمِعْتُكَ تُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ مِرَارًا، مَا بَلَغْتَ هَذَا إِلَّا

(1) وقعت زيادة في مطبوعة الرؤية للدارقطني وتاريخ جرجان في هذا الموضع، وهي: (أَهْلِ) .

(2) زاد الدارقطني في هذا الموضع: (فَإِذَا أَتَاهُ رَأَى مَنْزِلًا كَأَنَّمَا كَانَ مَنْزِلُهُ مَعَهُ حُلْمًا، يَقُولُ: رَبِّ هَذَا الْمَنْزِلُ. يَقُولُ: فَأَيْنَ مَا أَقْسَمْتَ لِي عَلَيْهِ؟ يَقُولُ: هَذَا ثُمَّ لَا أَسْأَلُكُ غَيْرَهُ. يَقُولُ: فَهُوَ لَكَ) .

(3) وقعت زيادة في مطبوعة الرؤية للدارقطني وتاريخ جرجان في هذا الموضع، وهي: (الْمَنَازِلُ) .

(4) مَبْهُوتًا: مُتَحَيِّراً. النهاية (1/ 165) مادَّة بهت.

(5) الْمَقْتُ: أشدُّ البُغْضِ. النهاية (4/ 346) مادَّة: مقت.

(6) أي: بعض أصحاب عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام