فَنَحْنُ قَائِلُونَ بِمَا قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مُصَدِّقُونَ بِذَلِكَ، بِقُلُوبِنَا مُنْصِتُونَ عَمَّا لَمْ يُبَيَّنْ لَنَا، مِمَّا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِعِلْمِهِ [1] .
وقال ابن تيمية: وكذلك أحاديث الضَّحك متواترة عن النَّبيِّ، وقد رواها الأئمَّة [2] .
وقال معمر بن أحمد الأصبهاني شيخ الصوفية [3] : أحببت أن أوصي أصحابي بوصية من السنة، وأجمع ما كان عليه أهل الحديث، وأهل المعرفة والتصوف، من المتقدمين والمتأخرين، فذكر أشياء في الوصية، إلى أن قال فيها: ويتجلى لعباده يوم القيامة ضاحكاً [4] .
-الدليل الرابع: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:"يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ يَدْخُلاَنِ الجَنَّةَ: يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَيُقْتَلُ، ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى القَاتِلِ، فَيُسْتَشْهَدُ [5] ."
وجه الدلالة من الحديث:
أثبت هذا الحديث صفة الضحك لله تعالى، ولو كان تفسير الضحك الرضا والرحمة والصفح عن الذنوب، لما كان لأبي رزين أن يقول: من ربٍّ يضحك، بل كان عليه أن يقول: لن نعدم الخير من ربٍّ يرحم [6] .
قال الحافظ المقدسي: فهذا وما أشبهه مما صحَّ سنده وعدلت رواته، نؤمن به، ولا نردُّه ولا نجحده ولا نتأوله بتأويل يخالف ظاهره، ولا نشبهه بصفات المخلوقين، ولا بسمات المحدثين، ونعلم أن الله سبحانه وتعالى لا شبيه له ولا نظير لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ
(1) كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب - عز وجل -، تأليف: ابن خزيمة (2/ 563) .
(2) الفتاوى الكبرى، لابن تيمية (6/ 614) .
(3) معمر بن أحمد بن محمد بن زياد، شيخ الصوفية. ينظر: تذكرة الحفاظ، للذهبي (3/ 190) .
(4) العرش، الذهبي (2/ 447) .
(5) متفق عليه. البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب الكافر يقتل المسلم، ثم يسلم، فيسدد بعد ويقتل (4/ 24) (2826) ، مسلم، كتاب الإمارة، باب بيان الرجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة (3/ 1504) (1890) .
(6) القول السديد في الرد على من أنكر تقسيم التوحيد، عبد الرازق البدر (ص 108) .