وطبعا تكون الثارات والقتل لكن من حيث النظام الأصل أنها فيها قول عارفة أي رجل صاحب خبرة.
وبعد ذلك قال: (كل شيء بمثله .. ) إلى أن يقول في هجرة الجار: (ذنبه على جنبه) ، كان عندهم نظام الجوار، والإنسان إذا قتل أو ارتكب أي مصيبة في بلده يجاور عند قبيلة تحميه، فينزل في هذه القبيلة ويعيش حتى يصبح أحيانا من أهلها وينسى أصله القديم. فإذا فعل شيئا فهو ذنبه على جنبه، لا قبيلة تدافع عنه، ولا أحد يحاسب عنه، لكن لو اعتدي عليه فإن القبيلة تكفله كما لو كان من أحد أبنائها.
هذا كمثال فقط. ونجد أنها تشمل - بالعرف القانوني الحديث - أحكاما دولية؛ إذا اعتبرنا أن القبيلة في العرف هي الدولة. فهي تشمل أحكاما دولية؛ أي تتعلق بالقبيلة مع القبيلة، وتشمل أحكاما جنائية كما في كلامهم في القتل وفي الديات وتشمل أحكام معاملات، وتشمل أحكاما تجارية كما في كلامهم عن السوق، وتشمل أحكاما عمالية كما يسمونها أحكام المستأجر والأجير إذا قتل، أي إن أحكام تلك المجتمعات وتقاليدها وقوانينها وقواعدها - بحسب عصرها - عبارة عن قوانين كاملة أو مسوّدات وقوانين جاهزة.
هذه الوثيقة نموذج من الأحكام التي كانوا يتحاكمون إليها، وربما يكون عند بعض القبائل ما هو أسوأ وما هو أشد من ذلك.
ومما قرأناه أيضا وعرفناه من كبارهم أنهم كانوا يحكمون في السارق أحيانا بأن يؤخذ ربع ماله أو يرهن رهينة معينة. والزنا إذا وقع من إنسان وثبت عليه فإنه أيضا يفتدي بمال من المجني عليهم وهكذا حتى في الحدود كانت لديهم أحكام وقوانين يرجعون لها.