فهرس الكتاب
الصفحة 73 من 77

يخرج من الملة فقد تقدم أن تفسير ابن عباس رضي الله عنهما لقول الله عز و جل:"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"قد شمل ذلك القسم وذلك في قوله رضي الله عنه في الآية:"كفر دون كفر"، وقوله أيضا:"ليس بالكفر الذي تذهبون إليه"اهـ)

هو يشير إلى ما تقدم، وهو أن الحكم بغير ما أنزل الله كفر، و من الممتنع و من المحال أن يسمي الله تبارك وتعالى ذنبا ما كفرا و لا يكون صاحبه كافرا، لكن عند التفصيل ننظر: أهذا الكفر كفر أكبر ينقل من الملة أو هو كفر أصغر لا ينقل عن الملة؟

الأول: هو كفر الاعتقاد، والآخر هو كفر العمل. فعلى هذا هو يقول ما قال ابن عباس رضي الله عنه وطاوس وغيرهم من السلف على ما سنفصل إن شاء الله عندما نستعرض الآيات، وهو أن الآية تشمل ــ أيضاـ الكفر الأصغر، وإن كانت في الأصل قد نزلت في الكفر الأكبر.

قال رحمه الله:(وذلك أن تحمله شهوته وهواه على الحكم في القضية بغير ما أنزل الله، مع اعتقاده أن حكم الله ورسوله هو الحق، واعترافه على نفسه بالخطأ ومجانبة الهدى).

الإنسان القاضي سواء أكان قاضيا في محكمة أو مجرد قاض يقضي ــ فكل من قضى في مسألة فهو قاضٍ ــ إما أن يكون شرعه ودينه ونظامه وقانونه الذي يحكم به هو ما أنزل الله كما سيأتي في الآثار والنقاش الذي دار بين الخوارج وبين ابن عباس رضي الله عنه، وإما أن يكون شرعه وقانونه ودينه شيئا آخر كالشرائع المنسوخة مثل التوراة أو الإنجيل، أو كالقوانين الوضعية مثل شرائع التتار أو شريعة نابليون أو أي قانون من القوانين الوضعية. فهذان قسمان لا صلة بينهما؛ فهذا متبع وملتزم ومنقاد ومستسلم لأوامر الله ودين الله وشرعه، وهذا يتحاكم ويحكم ويتبع وينقاد ويستسلم لدين غير دين الله وشرع غير شرع الله، فهو شريعته

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام