فهرس الكتاب
الصفحة 38 من 77

فهم يحرفون الكلم عن مواضعه، ويستدلون بالآيات في غير ما أنزلها الله سبحانه وتعالى، وفي غير موضعها التي شرعت فيه، فنعم هذه الآية حق، وهذه الآية أيضا حق، فالذي قال لها هذه هو الذي قال:"وقَرنَ في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى"فعلم من ذلك أن هذه الآيات ليست فيما نزلت فيه هذه الآية، وأن هذه لها حكم ومناط شرعي، وهذه لها حكم ومناط شرعي، لكل منهما مناطه الشرعي، ولا تعارض بينهما أبدا.

يقول:(وحينئذٍ معنى تغيُّر الفتوى بتغير الأحوال والأزمان مراد العلماء منه: ما كان مُستصحبة فيه الأصول الشرعية، والعلل المرعية، والمصالح التي جِنْسُها مرادٌ لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم)

مثال المصلحة في هذا الزمن أن يكثر في الناس مثلا شرب الخمر أكثر من ذي قبل، فقيل: إنه مادام ذلك قد وقع فلنجعل عقوبة السائق إذا خالف أو عمل حادثا وهو سكران ضعف ما إذا كان غير سكران في العقوبة المعروفة العادية في النظام أو الحق، ليكون زجرا له عن ذلك. فالمصلحة هنا أن ينزجر الناس عما حرم الله؛ فلنا إذن أن نراعيها.

مثال المصلحة أيضا أن نعزر تعزيرا بالغا من يكتب مقالة فيها الدعارة والخلاعة والفساد التي ترغب في الزنا، فلا مانع أن نعزره بأن يسجن شهرا أو شهرين ولا مانع لو رأينا أن يزاد على ذلك مائة جلدة - مثلا - توزع على خمسة أسابيع أو كذا، فكل ذلك وارد، والمصلحة جنسها مراد لله، وهي حفظ المجتمع وصيانته وطهارته، لئلا تشيع الفاحشة في الذين آمنوا.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام