وعند النصارى نرى الوحدانية هي إله واحد الأب والابن والروح القدس، ثم يقسمون الوظائف والأعمال والتدابير الكونية بين هؤلاء الثلاثة، ويزعمون مع ذلك أن هذه هي الوحدانية، بينما هي في الواقع جمع بين الضدين، فالوحدانية تنفي الشريك، والشريك ينفي الوحدانية، فلا يمكن أن يجتمعا كالسواد والبياض، ثم تتداخل الأقانيم وتختلط الوظائف فلا نعرف ماهية الإله عندهم تحديدًا، ولا هم يعرفون [1] !
قال تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [التوبة: 30] .
وقال تعالى: {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المائدة: 73] .
(1) انظر: الملل والنحل للشهرستاني، تخريج: محمد بن فتح الله بدران، القسم الأول: (ص: 201) ، وكذا: هداية الحيارى لابن القيم، (ص: 346 وما بعدها) .