أي تحذيرا لنا. يقال: نكل نكلة بفلان اذا صنع به صنيعا يحذر غيره اذا رآه.
الحمد لله، ان أحق ما اعتبر ما نزل في القرآن الحكيم، وان أسبق شيء جري له في ذكر من ذلك قول الله تبارك وتعالي:
(واذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال اني أعلم ما لا تعلمون) فكان من بني آدم الذي أخبرنا الله به في سورة المائدة من قوله:
(واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق اذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال انما يتقبل الله من المتقين) .
الي آخر القصة، مع آيات ذكر الله فيها اهلك من حقت عليه كلمة العذاب في الدنيا قبل عذاب الآخرة، قرنا بعد قرن، مذكورا ذلك جملا، فقال:
(ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا) الآيات.
وقال (ألم تر كيف فعل ربك بعاد - ارم ذات العماد - الى قوله - ان ربك لبالمرصاد) .
وقال (وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح) الآيات.
وقال (وما أرسلنا في قرية من نبي الا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء) الآيات.
وقال (وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون) الآيات.
وقال (وقضينا الى بني اسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا - فاذا جاء وعد اولهما بعثنا عليكم عبادا لنا اولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا - ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددنكم بأموال وبنين وجعلنكم كثر نفيرا - ثم قال - فاذا جاء وعد الآخرة - يعني المرة الآخرة- ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا - عسي ربكم أن يرحمكم وان عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا) .
يعني سجنا ومحبسا.
1:1- قال قتادة، فيما حدثنا أبوعيسي موسي بن هارون بن عمرو الطوسي، قال: نبا الحسين بن محمد المروذي، قال: نبا شيبان بن عبد الرحمن النحوي عنه:
بعث الله عليهم في المرة الاولى جالوت الجزري - وكان من أهل الجزيرة - فسبي وقتل، وجاسوا خلال الديار كما قال، ثم رجع القوم الى دحر فيهم كثير.
قال: (ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددنكم بأموال وبنين وجعلنكم كثر نفيرا) قال: كثر عددا.
قال: كان هذا في زمان داود عليه السلام (فاذا جاء وعد الآخرة) آخرالفسادين.
(ليسوءوا وجوهكم) قال: فبعث عليهم في المرة الآخرة بخت نصر البابلي المجوسي أبغض خلق الله اليه، فسبي وقتل وخرب بيت المقدس، وسامهم سوء العذاب. ثم قال:
(عسي ربكم أن يرحمكم) فعاد الله بعائدته ورحمته.
ثم قال: (وان عدتم عدنا) قال: فعاد القوم بشر ما بحضرتهم، فبعث الله عليهم ما شاء أن يبعث من نقمته وعقوبته، ثم كان آخر ذلك أن بعث عليهم هذا الحي من العرب، فهم في عذاب منهم الى يوم القيامة.
وقد تركنا من ذكر الحوادث المذكورة في أيام نوح وموسي وعيسي وغيرهم ما لا يحتاج الى ذكره في هذا الباب، وفيما ذكرنا من ذلك ما يكفي؛
فلنذكر أيضا طرفا من الحوادث الآتية مكتوبا في هذا الفصل الذي قد انتهينا اليه، وبالله التوفيق.