فهرس الكتاب
الصفحة 17 من 64

1:21- أخبرني أبو سليمان عبد الله بن جرير الجوالقي، قال: أخبرني رجل من (أهل) الكتاب موصوف بجمع الملاحم.

ان هذا الكتاب عندهم مسموع من كبرائهم لا يكادون يدفعونه الا الى من يثقون بكتمه، لمعرفتهم بما يتضمنه من عجائب الملاحم الآتية، وتركت الكتب الماضية.

فابتدأت من ذلك بآخر عمر المعتمد الى آخر الكتاب.

فذكر دانيال عليه السلام في كتابه هذا:

ان الملك تهيج به حرارة من قبل الشراب، فتأتي علي نفسه.

ثم يملك من بعده رجل برأسه شامة بيضاء، قد كان قبله ابن للملك الذي هاجت به الحرارة، وكان مذموما، وكان في القران الضيق، وتناقض البلدان لكثرة الخوارج والصعاليك والكراد والأعاريب وقطاع السبيل، فخلع من الخلافة، وقيل: في سر، وكان قاتله صاحب الشامة الذي تولي الأمر، فانقادت له الجبابرة في الأطراف من الأرض، وصلح أمر الناس في زمانه، وهابه الصغير والكبير، فيبقي في الملك عشرة أعوام، ثم يموت؛

ويتولي بعده ابنه الأمر فيملك أقل من ثمان سنين، ثم يموت؛

ويتولي الأمر بعده غلام لم يحتلم، فيكون في زمانه دولة الاماء والصبيان والخدم، ويتسع الناس في تجاراتهم وضياعهم حتى يستغني الفقراء، ويكثر الفساد في المدائن كلها للبطر الذي أخرجهم الى معاصي الله، فيبقي اثنين وعشرين سنة، ثم يخلع فيبقي ثلاثة أيام، ثم يرد الى الملك، فيملك أقل من ثلاث سنين، ثم يقتل علانية.

ثم يتولي الأمر بعده أخوه، ثم من بعد أخيه ابنه.

ثم يقع التدابر والاختلاف بين الامراء من العجم، فلا يزالون يخلعون خليفة ويولون خليفة، ويعزلون من أرادوا، ويولون من أرادوا مدة غير طويلة الى أن يصير الأمر بعدها ولاء (الي) أن يتول أمر الناس رجل من ولد الملك السابع.

ثم يتولي بعد شهور يسيرة رجل من أهل بيت الملك الثالث، يقال له: (السفياني، عنبسة بن هند) وهو رجل شاب ربعة، فظ الوجه، ضخم الهامة، في وجهه أثر جدري، يكسر عينه اليسري كسرا شديدا، يحسبه من يراه أنه أعور، تجتمع اليه قبائل العرب، فيكثر أصحاب السفياني، ويعظم أمره، وينتصب له رجل من ربيعة، فيحاربه شهرا، ويستغنم (الجرهمي) شغل السفياني بالربيعي فيغلبه علي حمص، ويخرج (الأصهب) بنصر، ويخرج (الجحافي) باصطخر من فارس، ويخرج (الباري) بما سندان فيغلب علي الجبال التي تليه، ويخرج علي (الجحافي) رجل من الأنبار، فيحاربه (الجحافي) بالكراد حتى تكثر القتلي بينهم، ثم يدعوه (الجحافي) الى الصلح علي أن يوليه فارس، ويجعله خليفته، ويأتيه ويكون معه، فيختار أن يلي نصف أرض فارس وما يليها من الأهواز، فتشتعل الأرض بالفتنة والحرب، فيرسل اليه، فيدعوه الى طاعته، ويجعله خليفته، فلا يجيب (الجرهمي) .

فيقوم السفياني في أصحابه خطيبا علي منبر دمشق، فيقول:

يا أهل هذا المصر، يا أهل دمشق، أنتم لحمي ودمي، وأنا عدو عدوكم، وحبيب حبيبكم، ويمنيهم ويعدهم أنه لا يستأثر عليهم بشيء.

ثم يخرج الى معسكره من الوادي اليابس، ثم يدعوه (الجحافي) الى الصلح، فلا يجيبه، فتشتعل الأرض بالفتنة والحرب، فعند ذلك يبقي الملك الأعلي ومن معه من الموالي الخاصة وغيرهم، لا مادة لهم، ولا يأتيهم مال.

فيرسل الى بني عمه الذين بالمدينة العتيقة، وأصحابه من أهل خراسان أن الأرض قد فسدت علينا وعليكم، ولا مال يأتينا ولا يأتيكم، فعلام نقتل أنفسنا وجندنا، بل نصطلح، وتجتمع كلمتنا، ونكون يدا واحدة علي عدونا، ونكتب وتكتبون الى ابن عمنا الذي بالبصرة، واخواننا من أهل البصرة بمثل ما دعونكم اليه من الصلح، ونجتمع ونحارب أعداءنا، وان لم تفعلوا ونفعل نهلك قتلا وجوعا.

فيفعلون ذلك ويصطلحون، ويبايعون الملك الأعلي، ويستقرضون من التجار، ويتهيأون لمحاربة أعدائهم، ويسير صاحب البصرة الى الأنبار، ويسير أهل المدينة العتيقة الى (البكري) الذي بماسندان، فيحارب بعضهم بعضا، ويسير (البرقي) الى (الجرهمي) .

ثم انهم يصطلحون علي أن يرجع (البرقي) الى (برقة) ، ويسالم كل واحد منهما صاحبه ولا يقاتله، ويكون كل واحد منهما علي ناحيته.

أما (الجرهمي) فيكون علي ما يليه من أرض الشام، وأما (البرقي) فيكون علي ما يليه من حد (برقة) وما وراء برقة من المغرب، علي أنه متي نازع أحدا منهما عدو أتاه صاحبه فنصره عليه، فيصطلحون علي ذلك.

ثم يسير (الجرهمي) الى صاحب مصر، فيحاربه فيهزمه المصري، ثم يتداعون الى الصلح علي أن يكونا جميعا علي (السفياني) ويصطلحون علي ذلك، ويرجع (الجرهمي) الى الشام، ويقيم (المصري) بمصر.

ثم يقوم (السفياني) في أهل دمشق، فيقول: يا أهل (دمشق) ، انما أنا رجل منكم، وأنتم خاصة جدي (معاوية بن أبي سفيان) وليكم من قبل ملكه، فأحسن وأحسنتم، ثم قتل صاحبه فطلب بدمه واستنصركم، فنصرتموه، وقتل معه أشرافكم، وأنا اليوم أطلب بثأر أهل بيتي، وبثأر من قتل من أشرافكم، فمن أحق بنصرتي علي ذلك منكم!! فينادونه بالاجابة، ويبايعونه.

ثم يكتب عند ذلك الى (الجرهمي) يدعوه الى طاعته علي أن يوليه اذا استقام الأمر موضعه الذي هو فيه، ويزيده ولا يؤاخذه بما كان منه، فيجيبه.

ويكتب الى (البرقي) بمثل ذلك؛

وكل هؤلاء وغيرهم من أهل كل بلد قد بلغهم، وسمعوا من علمائهم أن رجلا يقال له: (السفياني) يخرج علي الملك الذي في زمانه، فيغلبه ويغلب كل من حاربه حتى يملك، ويستقيم له أمر مملكته، فيجيبونه الى ذلك؛ فيأتيه (الجرهمي) فيبايعه واسم الجرهمي (عقيل بن عقال) ، ثم يبايعه (البرقي) فيتابعه، واسم البرقي (همام بن الورد) فيجعل (الجرهمي) علي الجبل، ويجعل (البرقي) علي الرجالة، وكل علي خيله ورجالته من خاصته الذين معه وعلي أنه والي علي موضعه من قبل السفياني.

وبلغ صاحب مصر خبره، فيرسل اليه بالطاعة، فلا يرضي الا أن يأتيه، فيأتيه فيبايعه، ويرده الى مصر، فيمنعه أهل مصر الدخول الى مصر، فيرجع، فيخبر السفياني، فيسير اليهم السفياني، ويخرج اليه أهل مصر فيلتقون، فيقتتلون علي قنطرة (الفرما) أو دونها سبعة أيام، ثم ينصرف أهل مصر، وقد قتل زهاء سبعين ألف نفس، ثم يصالحه أهل مصر ويبايعونه، فينصرف عنهم، ويرجع الى الشام.

فيعقد لأصحابه، ويقود القواد، ويعقد لرجل من حضر موت علي أرمينية وما يليها؛

ويعقد لرجل من خزاعة علي ثغور الروم من ناحية الأندلس؛

ويعقد لرجل من بني عبس علي ثغور الروم التي تلي عسقلان؛

ويعقد لرجل من بني تغلبة علي الثغور التي تلي الشام من دون أرمينية الى حد المصيصة.

ويتوجه البرقي الى أفريقية، فيلتقون فيقتتلون ثلاثة أيام، فيقتل من أهل أفريقية نيفا علي ثمانين ألفا، ثم يصالح أهل أفريقية (البرقي) ويبايعونه للسفياني كذلك، ويولي عليهم ابنا له، ويرجع هو الى (برقة) .

ويكتب الى السفياني بذلك، فيكتب، أن يستخلف علي برقة وما يليها ابنه أو من يرضاه، فيفعل.

ثم يسير السفياني يريد برقة، وخليفته علي جميع جنده رجل من بني زهرة من طي، يقال له (الزهري المؤمل بن نباتة) ويجعل علي مقدمته من جهينة اسمه (المقدام بن الهقل) .

ويبلغ الملك خروجه وأهل العراق، فيقولون للملك: هذا رجل قد بلغنا أنه يملك، وأنه يقتل كل من حاربه ممن يرجو أن يظفر به فيقاتله، بل نلزم بيوتنا أو نهرب عنه اذا بلغ الينا!

ويبلغ ذلك من قولهم الملك ويسوؤه ذلك، ويجمع خاصته من الأترك والعجم من أهل خراسان وغيرهم، فيقول لهم:

ان هذا العدو لا نطيقه، ولا نقاتله الا من كان علي مثل رأيكم، فاستعدوا لقتاله، ودعوا الوجوه الاخر.

ثم يجمع أهل بيت المملكة ومواليهم ويرسل الى بني عمهم قبيلة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهم (بنو هاشم) فيعلمهم أن هذا هو السفياني يجدونه في أخبار مشايخ العلماء، أنه يخرج فيقتل كل من قدر عليه من ولدها ومن مواليهم، فالرأي أن تخرجوا اليه في مواليكم وعبيدكم، ومن أطاعكم، فنحاربه علي أنفسنا وملكنا حتى نظفر أو نهلك، فانا ان أمسكنا عن قتاله لم يمسك عنا، ومتى قدر علي أحد منا ذكرا كان أو انثي لم يستبقه قتلا وذمارا.

فيجتمعون ويتوجهون اليه في سبعة عسكر يتبع بعضها بعضا، في أوائلها الجيش الكبر في الأترك وعجم أهل خراسان ومن أطاعهم من سائر الناس، ولا يخرج بهم من سائر أهل الأمصار الا الجهال لما قد بلغهم أن السفياني يقتل كل من ظفر به الى أن يأتي بلدهم، فيحاربوه عن حريمهم، وبنادر عسكر الملك.

فيسير الأول فينزل الرقة، والعسكر الثاني دونه بمرحلة، ثم الثالث دون الثاني بمرحلة، ثم الرابع دون الثالث بمرحلة، ثم الخامس دون الرابع بمرحلة، ثم السادس دون الخامس بمرحلة، ثم السابع دون السادس بمرحلة؛

ويقتل القائد الأول ومعه الأترك وغيرهم، وهم سبعون ألفا ونيف، ويعجلون السير الى الرقة، فيلقاهم السفياني فيقتتلون يومهم وليلتهم في ليلة النصف من الشهر في ضوء القمر، فيقتل منهم مائة ألف قتيل، كثرهم من جند الملك.

ثم ينهزم جند الملك الى الرقة، وقد بلغ أهل الشام من أهل كل مدينة، مسير السفياني والتقاؤه هو وجند الملك، فقالوا: نحن مع من غلب.

ويسير السفياني خلفهم الى الرقة، فيلتقون فيقتتلون، فيهزم السفياني من جند الملك، وتجتمع العسكر كلها الى دون الرقة، وتعجبهم كثرتهم، ثم يلتقون فيقتتلون، فيهزم جند الملك، ويتبعهم السفياني يقاتلهم كل يوم وهم ينهزمون حتى يبلغ بهم (الأنبار) من أرض العراق، وجند السفياني في الجانب الغربي، وفيه يحاربهم جند الملك.

فاذا صاروا الى الأنبار، عقد جند الملك الجسر، وعبروا أسفل الأنبار بمسيرة نصف يوم، ثم قطعوا الجسر وأخرجوا سفن الجسر وغيرها لكيلا يعقد السفياني فيها جسرا ويعبر اليهم، وللسفياني سفن فيها خزائنه أخذها من الرقة، فجعل فيها خزائنه والأعلاف من التبن والشعير والدقيق، وسفن التجار فيها الدقيق، وجميع ما يباع من التمر والفوكة وغير ذلك، فقال للتجار: أخرجوا ما في سفنكم الى الشط.

ثم يجمع تلك السفن فعقد جسرا، ثم أرسل الفرات، فأتي السفن ليعقد للتجار جسرا، ويرد عليهم سفنهم أو بدلها، أي ذلك أحبوا فعل، وأجابهم اليه، فعقد الجسر وأقامه؛

ثم أرسل الى أسفل الفرات ليؤتي بالسفن التي هي هنالك، فاذا السفن التي يؤتي بها أحكم صنعة وأجود من السفن التي كانت معه، فلما رأها كذلك اشتراها، وعقدها جسرا، ورد تلك السفن الى أصحابها.

ثم ان السفياني يعبر، فيلتقون مع جند الملك دون الفرات، فيقتتلون فيقتل من جند الملك نصفهم، وينهزم الباقون الى موضع يقال له (عقرقوف) وهنالك بساتين ونخيل وأشجار وأنهار يأخذ بعضها من بعض، فيأمر السفياني أصحابه كلهم فيرحلون، ويدخلون فيقاتلون جند الملك الى مدينة الملك.

ويرسل الى جميع من يرجو نصره من شاطي ء دجلة الى أرض الجبل الى البصرة، والي الأهواز وفارس أن يعينوه، فيجتمع اليه ثلاثمائة ألف من الناس، ويعسكر علي ثلاثة فراسخ من دجلة فيما بين عقرقوف ودجلة ناحية المشرق ونحو الفرات، ويتبعهم السفياني فيقتتلون أشد قتالا كان قبل ذلك.

فيهزمون جند الملك، ويتبعهم الى دجلة، ويحولون بينهم وبين من يليهم، فيغرق كثرهم، ويرمون أنفسهم في دجلة فيغرقون، ويهرب بعضهم الى أسفل من ذلك الى مدائن كسري، ويبقي الملك في المدينة.

فيحاربهم السفياني ويخرج اليهم الملك، فينزل علي باب مدينة الملك، ويصف جنوده حول المدينة، وعلي مدينة الملك سور قد بناه علي مدينة حديثة البناء لم يستحكم بعد، ومع هذا (القيسي) قوم من الأعراب معهم نساءهم وأولادهم، ويقاتلون معه في الناحية التي أمره الملك أن يقيم بها، ويكفيه ناحيتها، وخلف القيسي أيضا جندا، عليهم بعض قواد الملك، قد أحدقوا بسور المدينة لكيلا يدخلها جند السفياني فيحاربهم، ولا يزال السفياني يحاربهم ويمنعهم المسيرة من فوق المدينة ومن تحتها، ويرسل السفياني جندا الى (المدائن) فيأخذونها وجميع السفن، فيعقد الجسر أسفل المدينة مما يلي المدائن.

ويعبر نصف جنده، فيحاصرون مدينة الملك شهرا، ثم يهدمون السور، ويدخلون المدينة، فيقتلون الرجال في السكك والأسواق والدروب، ويدخلون الدور فيقتلون من فيها، ويأخذون الأموال والأمتعة، ويأخذون من استحسنوا من النساء والجواري والغلمان، ويأخذون بنات القيسي الذين هم قومه، فيردفونهم خلفهم، وعلي نساء القيسي خلاخل من فضة يري بريقهن وهن مرتدفات خلف الأترك.

ويبلغ الملك الهزيمة، فيخرج من المدينة فيمر مستخفيا هاربا من دار الى دار، ومن درب الى درب حتى يفلت فيأتي (حلوان) .

ويغضب (القيسي) فينادي في أصحابه القيسيين: ألحقوا بنا القوم الذين أخذوا حرمنا نقاتلهم حتى نستنقذ حرمنا أو نموت.

فيخرجون، فاذا رأينهم رمين بأنفسهن عن الدواب، ويلا حقهن القيسيون مصلتي السيوف، فيقتلون بعض الأترك، ويهرب عنهم اولئك الأترك، وهم قليل فيأخذون نساءهم، ويرجعون.

ثم يفتح، المدينة ويسأل السفياني عن الملك، فيقال له: قد هرب، ويظهر الملك بحلوان، ويجتمع اليه بنو هاشم ومواليهم في جند أغلبهم من قد وطن نفسه علي الموت من الأترك، لأنه قد قتل كثرهم.

فيسير اليهم السفياني، فيصلون (حلوان) فيقتل من جند الملك نيفا علي خمسين ألف، وينهزم الملك، ويتفرق عنه أصحابه، ويومئذ لا يبقي تركي من جند الملك الا قتل، ويهرب الملك الى خراسان، ويرجع السفياني الى (المدائن) فينزلها، ويخطب في أصحابه يوم الجمعة، وعليه لباس أحمر، وعلي رأسه عمامة خضراء، وهو شاب ربعة، فظ الوجه، ضخم القامة، في وجهه أثر جدري، يكسر عينه اليسري، يحسبه من لا يعرفه أعور، وليس بأعور.

ثم ينزل عن المنبر، فيقود القواد، ويولي الولاة علي الوجوه التي افتتحها، ويأمر خليفته (الزهري) واسمه (عبيد بن نباتة الزهري) والثاني (مالك بن المقدام) أخو (المقدام الجهني) والثالث (المعمر بن عباد الهلالي) والرابع (الطفيل ابن عمرو العبسي) والخامس (نصر بن منصور القيسي) وهو (ابن عمر بن عمرو القيسي) والسادس (غالب بن عامر الكلبي) والسابع (عمارة بن عقال العامري) والثامن (مسمع بن سالم الربعي الشيباني) والتاسع (وائل بن ربيعة اليشكري) والعاشر (مسروق بن مسعدة التغلبي) من تغلب ربيعة.

ثم يأمر الزهري أن يسير الى الكوفة، فان دخلوا في طاعته وبايعوا له أخذ بيعتهم، وولي عليهم رجلا منهم يرضاه، وسار الى المدينة، ثم الى مكة، وان هم أبوا وقاتلوا قاتلهم، فان ظفر قتل الرجال وسبي النساء والذراري، وأخذ الأموال، وسار الى المدينة يفعل مثل ذلك، ثم سار الى اليمن، فيفعل مثل ذلك.

فيسير الزهري، ويسير وائل بن ربيعة اليشكري الى البصرة وأرضها، ويسير عمارة بن عقال العامري الى خراسان - وهو خليفة لابن السفياني - فيسير كل واحد من هؤلاء الى الوجه الذي وجه له، فيحارب أهله، فيظهر عليهم، ويستقيم له أمر سواد بابل، وأرض البصرة، والأهواز وفارس الا أهل الكوفة، فانه يحاربهم أربعة أيام، فيهزمهم ويدخل الكوفة، فيقتل الرجال ويدخل علي النساء، فيقتل كل من يمتنع منه، فكم من امرأة حامل مبقورة البطن، وكم من عذراء مفترعة، وكم من وليد مشدوخ، ومال منهوب، وجارية عذراء مكشوفة تساق كما يساق السبي من الروم وأهل الكفر، ويقيم في ذلك عشرة أيام.

ثم ينزل بين الحيرة والكوفة، ويكتب بذلك الى السفياني، فيكتب اليه: أن قد أصبت فاقسم الفيء بين أصحابك، وسر لوجهك الذي امرت به أن تسير اليهم.

فيقسم السبي والأموال بين أصحابه، ويسير الى المدينة، فيجتمع أهل المدينة، فيسألوه أن يعطوه مالا ولا يدخل اليهم، ويسير عنهم.

فيأبي ذلك عليهم، ويقاتلهم فيهزمهم، ويدخل المدينة، فيقتل الرجال والنساء والولدان من الجواري والغلمان، فكم من قتيل علي باب داره وفي داره، وكم من بطن مبقورة، وكم من وليد مشدوخ، وعذراء مفترعة، ومال منهوب.

ثم يخرج بالسبي من الذراري والأموال، فينزل ظاهر المدينة، ثم يعرض عليه السبي، وفيهم غلام وجارية من ولد بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم اسم ذلك الغلام (علي) واسم تلك الجارية وهي اخته (فاطمة) قتل أبوهما في من قتل، واسم أبيهما (محمد بن عبد الله) واسم امهما (فاطمة) .

فيقول الزهري للغلام: من أنت؟

فيقول له: اسمي علي بن محمد بن عبد الله، واسم امي فاطمة بنت محمد بن عبد الله.

فيقول للجارية: من أنت؟ فتقول: أنا اخت هذا الغلام.

فيقول: ما اسمك؟ فتقول: اسمي فاطمة باسم امي.

فيقول: والله ما قاتلني الا أبوكما.

فيأمر بهما فيبطحان قدامه، ويأخذ الحربة فيدخلها في بطن الجارية، فيحول أخوها وجهه عنها، فيقول الزهري لمن علي رأسه: حولوا وجهه الى اخته ليري الخزي والهوان!!

فيحولون وجهه الى اخته، فيغض بصره، ويضع يده علي عينيه، فيدخل الحربة في بطنه، ثم يدخلها في دبره، ثم في دبر اخته، والغلام يقول:

اللهم لك الحمد، عجل له ولأصحابه النقمة والخزي، وعرفهما قدرتك.

ثم يأمر بهما فيرميان تحت الخيل لتطأهما الخيل، فلا تطأهما، فيأمر بهما أن يحملا، فيرميا خلف عسكره، فيفعل بهما ذلك.

ثم يقسم السبي بين أصحابه، ولا يرأف ولا يرحم، فكم من جارية تباع، وكم من غلام يباع، ثم لا يترك أحدا يشتريهم الا أصحابه، فيقيم خارج المدينة ثلاثة أيام، وقد هرب منه بعض أهل المدينة الى الجبال والشعوب والأودية.

ثم يخرج يريد مكة ومعه جيشه، فاذا بلغ موضعا يقال له (البيداء) نادي صوت من السماء: يا بيداء أبيديهم.

فتبلعهم الأرض الى أعناقهم، وتبقي رؤوسهم خارجة وتبقي جميع خيلهم وأثقالهم وخزائنهم وجميع مضاربهم والسبي علي حالهم، ولم يفلت منهم الا رجلان، ضل لهما بعيران عليهما أثقالهما، فيخرجان في طلبهما فيجدانهما، فيأخذانهما، ويرجعان يريدان العسكر.

فاذا جبرئيل الملك الأمين عليه السلام قد تلقاهما، فيقول لهما: أين تريدان؟

فيقولان: نريد العسكر. فيقول لهما: أشهدتما الوقعة؟ فيقولان: لا، نحن أخوان لأب وام، مع أننا أخرجنا أبونا معه، ونحن كارهان للخروج في هذا الجيش، ما قاتلنا معهم، ولا أعنا، ولو أمكنا ألا نصحبهم لفعلنا، قد علم الله ذلك منا.

فيقول لهما: فلذلك أضل الله بعيريكما، هذا العسكر قدامكما، فامضيا.

فيأتيان العسكر، فيريان ما أصاب القوم فيسترجعان، فيقول جبرئيل:

قد أنجكما الله لترككما القتال مع أبيكما وكراهتكما لذلك، فليمض أحدكما الى السفياني، فيعلمه بالذي أصاب جيشه، ويذهب أحدكما الى أهل مكة بما أرسله به اليهم.

فيقولان له: نعم، أرسلنا. فيقول للذي يرسله الى السفياني: ما اسمك؟

فيقول: اسمي (وبر) . فيقول له: اذهب أنت يا وبر الى السفياني، فأخبره بما لقي جيشه بالبيداء من أرض الحجاز، جازاه الله بما فعل بأهل الكوفة وأهل المدينة، وبقتله من قتل وبما صنع بالأنفس الطيبة الطاهرة الزكية من العترة الهادية المهدية.

ثم يتفل في وجهه، فيتحول وجهه الى قفاه، ويقول له: ان هذا آية لك حتى تخبر السفياني بما لقي جيشه، فساعة تخبره يرجع وجهك الى ما كان.

ثم يقول للآخر: ما اسمك؟ فيقول: اسمي (وبره) . فيقول له: اذهب أنت يا وبره الى مكة، فانك تجد فيها من ولد الطاهرة (فاطمة بنت محمد) النبي الامي زوجة ولي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وولي المؤمنين، فيهم شاب أبيض، حسن الوجه، قاعد وسط جماعة من أهل بيته من أهل مكة، فأخبرهم بما صنع جيش السفياني بأهل الكوفة، وبأهل المدينة، وبما عاقبهم الله تعالى بعد ذلك بالبيداء، أحياء قد أبتلعتهم الأرض الى اعناقهم ورؤوسهم خارجة، وهم أحياء الى قدومك عليهم حتى تراهم أنت وأصحابك، ثم تبلعهم الأرض.

وتجد عسكر السفياني بما فيه من خزائنه وأمواله، وتجد السبي الذين سبوا من أهل الكوفة، ومن أهل المدينة علي حاله، فترد كلا الى أهله، وتقسم الفي ء ثلاثة أثلاث: ثلثا لأهل المدينة، وثلثا لأهل الكوفة، وثلثا بين أصحابك، غير أنك تنظر ما اخذ من أهل الكوفة وأهل المدينة، فترد ذلك الى أهله بعد أن يعرف ذلك ويعرفه الذين اخذ منهم.

ثم ان جبرئيل يتفل في وجهه، فيتحول وجهه الى قفاه حتى يبلغ الرسالة، فيأتي (وبره) مكة، فيبلغها قبل أن يأتي (وبر) السفياني، فيجد أهل مكة، وفيهم الرجل الذي وصفه جبرئيل، فيبلغه ذلك، فيبايع له أصحابه، ثم يعرضهم، فيجدهم (ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا) يأخذ بيعتهم بين الركن والمقام، ويرجع وجه (وبره) الى حاله الأول، ويخرج مسرعا الى المدينة ويرجع معه.

ويبلغ (وبر) السفياني وهو نازل بالأنبار - قدم من المدائن، فنزل الأنبار - فيبلغه، فساعة يبلغه يتغير لونه، ويسود وجهه، وتأخذه الرعدة، ويقع متخبل البدن، ويرجع وجه وبر الى حاله الأول.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام