فهرس الكتاب
الصفحة 99 من 117

القاعدة موجود ومعبر عنه فيما لا يحصى من عبارات العلماء [1] .

وعودا على بادئ، أقول إن هذه المسألة تحتاج إلى تحرير ودراسة من أهل العلم، وتقرير لها، وبالجملة من كان حاكما بشرع الله سبحانه وتعالى في بلد من البلدان، فإن عليه أن يجتهد في تطبيق شرع الله، إن كان قادرا عليه، أن يجتهد في تطبيق شرع الله سبحانه وتعالى، هذا هو الواجب، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} . وقال عليه الصلاة والسلام: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) [أخرجه البخاري 7288،1337] .

وقاعدة الشريعة على الاستطاعة في مثل هذه الأمور [2] ، هذا إذا كان في الأمور اليسيرة، الأمور القليلة، الأمور الخاصة، فالأمر في الأمور العظام، والأمور الكبار إذا أمكن تحصيل المصالح فيها كان أهم وأعظم، مادام أن المصلحة ظاهرة، والمفسدة مندفعة، فكل إمام وكل وال وكل أمير وصاحب ولاية عليه أن يسعى في إصلاح الرعية.

فالأمر في هذه المسألة أمر شديد، وأمر مهم، ولا يمكن البت فيه بكلام يجمل، إلا أنه كما تقدم من ابتلي بولاية ولم يمكنه أن يقيم شرع الله على الوجه المطلوب، فالمقصود هو تحصيل المصالح قدر الإمكان، ودفع المفاسد قدر الإمكان، والشريعة مبنية على هذا الأصل العظيم، كل ما كان أقرب إلى الخير.

والنبي - صلى الله عليه وسلم - لما أسلم النجاشي، ولم ينقل أنه عليه الصلاة والسلام أمره بتطبيق الحدود، وما أشبه ذلك، بل قال بعض أهل العلم أنه كان يصلي، ولم ينقل أنه حج البيت إلى غير ذلك من الأمور التي تدل على أنه يجتهد الإنسان في إصلاح الناس بقدر ما يكون أقرب إلى الخير.

وهناك دلائل تدل على أن الحدود أحيانا قد تؤخر، أحيانا قد يحصل فيها اجتهاد، حينما يكون فيها ضرر، مثل تأخير الحد على الحامل، كذلك المريض، بل إن المريض جاء ما يدل على أنه لو خشي الضرر

عليه بإقامة الحد عليه فإنه ثبت في الحديث الصحيح المروي من طرق من حديث أبي أمامة، ومن سهل بن حنيف، ومن حديث سهل بن سعد الساعدي من طرق عدة، منها عند ابن ماجة وأحمد وغيرهما، «أن رجلا خبث بجارية» . أي وقع عليها، فقال عليه الصلاة والسلام أمر بجلده، «فقال: ائتوا به، قالوا

(1) (ـ انظر على سبيل المثال: مجموع الفتاوى لابن تيمية 1/ 138. والموافقات للشاطبي 2\ 6. وقواعد الأحكام لابن عبد السلام 1/ 4. إحياء علوم الدين للغزالي 1/ 456. إعلام الموقعين لابن القيم 3/ 3. السيل الجرار للشوكاني 1/ 244].

(2) (ـ انظر الموافقات 4/ 210. أضواء البيان 8/ 204. وانظر إعلام الموقعين 2/ 41،4/ 94،شرح السير الكبير للسرخسي 1/ 189؛ المبسوط له أيضا 1/ 122،2/ 181؛الهداية للمرغيناني 4/ 26؛ تبيين الحقائق للزيلعي 5/ 288؛ البحر الرائق لابن نجيم 8/ 191؛ حاشية الشلبي 1/ 102؛ ترتيب اللالي لناظر زادة /1 546؛ حاشية الروض المربع لابن قاسم 1/ 554.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام