فهرس الكتاب
الصفحة 40 من 117

المبحث الثاني:

أهمية الموضوع وخطورته

حكمت الشريعة الإسلامية المجتمعات الإسلامية دولا وشعوبا على اختلاف أعراقهم وأعرافهم .. واعتنقها المسلمون مبدأ وطبقوها منهجا، وكانت طوال ثلاثة عشر قرنا القانون الوحيد بينهم يعتمدونه في كل ما يلم بهم من قضايا في الأحوال الشخصية والمعاملات والمضاربات المالية والجنايات والعقوبات وأحوال السلم والحرب وما يتبعها من معاهدات واتفاقات مع سائر الدول شرقا وغربا ـ أي في العلاقات الدولية ـ ... تفيأت الأمة الإسلامية ظلال الشريعة فأشاعت الأمن والاطمئنان، وانتشرت الفضيلة، وكانت مصدر عزهم وسر منعتهم ..

استمر تطبيق الشريعة الإسلامية رغم ما يتخلل ذلك من ثغرات لا تخل بأصل سيادتها .. حتى حل القرن 14 هـ. [19 م] ، وابتلي المسلمون بالاستعمار المادي والثقافي .. وبعد حملات متتالية نحيت الشريعة الإسلامية عن الحكم .. ولم يبق مما يطبق منها إلا الأحوال الشخصية، وهي أيضا مهددة .. وحدث ما أخبر به الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم -؛ فقد روى الإمام أحمد في مسنده، والطبراني، وابن حبان، والحاكم في المستدرك من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، وكلما انتقضت عروة، تشبث الناس بالتي تليها، فأولها نقضا الحكم، وآخرها الصلاة» .

قال الشيخ حمود بن عبد الله التويجري رحمه الله في التعليق على هذا الحديث: (وقد وقع مصداق هذا الحديث في زماننا حيث نبذ كثير من المنتسبين إلى الإسلام الحكم بالشريعة المحمدية وراء ظهورهم، واعتاضوا عنها بالقوانين الوضعية التي هي من حكم الطاغوت والجاهلية، وكل ما خرج عن حكم الكتاب والسنة، فهو من حكم الطاغوت والجاهلية، وقد نقض الأكثرون أيضا غير ذلك من عرى الإسلام، كما لا يخفى على من له أدنى علم ومعرفة، فلا حول ولا قوة إلا بالله تعالى العظيم) [إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة 2\ 73] .

كان إقصاء الشريعة عن الحكم ضربة محكمة زعزعت كل القيم في المجتمع الإسلامي، فأصابه ما أصابه من تفكك وانحلال، وتحقق للعدو الخارجي والداخلي كل ما أراده، بل أكثر مما أراد بعد إلغاء الشريعة تعاملا وقضاء وأحكاما، وابتعد المسلمون عن دينهم علما وعملا وحكما فتدحرجوا في مهاوي الجهل والتخلف ..

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام