الحمد لله، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم؛ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم؛ أما بعد:
من المسائل التي ثار ويثار حولها الجدل:"هل من حصل له نوع تمكين في أرض ما، وعلى أناس ما، يجب عليه تطبيق كل أحكام الشريعة من غير نظر للقدرة والمصالح والمفاسد؟ .."
أم أنه يعتبر ذلك، فيطبق ما قدر عليه وأمن فيه المفسدة الراجحة .. ويرجئ ما يعجز عنه ورجحت مفسدة إنفاذه - في نظره - إلى أن تتوفر شروط التطبيق، وتنتفي موانعه؟.".."
وبناء على ذلك لا زالت مشاريع المجاهدين واجتهاداتهم في تطبيق الشريعة إثر بعض التمكين الحاصل تتعرض بين الفينة والأخرى لطعن المخالفين، وتشويش المناوئين .. والواجب دفع الاعتراض بقدر الإمكان ..
وحرصا على ألا يكون ما أكتبه ردا على أي أحد، آثرت أن أتناوله ببيان المرتكزات التي قامت عليها تلك الاجتهادات- على أقل تقدير من وجهة نظر أصحابها-، وفي ثنايا الموضوع نشير لبعض الجزئيات التي أنكرها المنكرون، ويقاس ما لم يقل على ما قيل ..
وقد حاولت قدر الإمكان، توسيع النظر فيما كتب في الموضوع، واقتصر عملي على الترتيب وإثراء المسائل وتبسيطها تبسيطا يليق بمقام العبد الضعيف [1] ..
وجمعتها تحت عنوان"الشريعة الإسلامية وفقه التطبيق".
(1) (ـ أضطر أحيانا لتكرار بعض النقول لحاجة السياق والبيان؛ قال العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام:"وإنما أتيت بهذه الألفاظ في هذا الكتاب التي أكثرها مترادفات، وفي المعاني متلاقيات حرصا على البيان، والتقرير في الجنان، كما تكررت المواعظ والقصص والأمر والزجر، والوعد والوعيد، والترغيب والترهيب وغير ذلك في القرآن، ولا شك أن في التكرير والإكثار من التقرير في القلوب ما ليس الإيجاز والاختصار؛ ومن نظر إلى تكرير مواعظ القرآن ووصاياه ألفاها كذلك، وإنما كررها الإله لما علم فيها من إصلاح العباد وهذا هو الغالب المعتاد ... وقد يظن بعض الجهلة الأغبياء أن الإيجاز والاختصار أولى من الإسهاب والإكثار، وهو مخطئ في ظنه لما ذكرنا من التكرير الواقع في القرآن والعادة شاهدة بخطئه في ظنه، وما دلت العادة عليه، وأرشد القرآن إليه، أولى مما وقع للأغبياء الجاهلين الذين لا يعرفون عادة الله ولا يفهمون كتاب الله، وفقنا الله لاتباع كتابه وفهم خطابه".. إهـ. ..
فإن الكلام يختصر ليحفظ ويطول ليفهم .. واعتذر مسبقا لما قد يكون من خطأ في ضبط الأجزاء والصفحات؛ إذ النقل من النسخ الإلكترونية.