تدور دواعي التدرج على ثلاثة أشياء:
1 ـ العجز عن إنفاذ الشريعة والإلزام بها.
2 ـ القدرة على إنفاذ الشريعة، ولكن مع غلبة مفسدة ترك التدرج على مصلحة الإلزام بالشريعة.
3 ـ القدرة وقلة المفسدة، ولكن إرادة صاحب السلطان الرفق بالناس وتهيئتهم وحسن سياستهم.
هذه ثلاث علل يتم التعلل بها عند إرادة التدرج، والمقصود أنها علل ممكنة لدعوى التدرج، وقد تصلح للقول بالتدرج في حالات معينة، وليس المقصود صلاحيتها للقول بجواز التدرج شرعا من غير اعتبار للموازنة بين الدواعي والموانع في الحالات المخصوصة.
والناظر في حال الأمة وما تتعرض له من هجمات على دينها ومقومات وجودها .. والناظر في حال القائمين على تجديد الأمة دعوة وجهادا يدرك أن تطبيق الشريعة ليس بالأمر الميسور .. فدونه معوقات حقيقية ..
-هناك معوقات داخلية: وأولها الجهل بحكم تطبيق الشريعة وعلاقته بإيمان المؤمن .. وكذا الجهل بحقيقة الشريعة وقدرتها على مواكبة متطلبات العصر الحديث، الشيء الذي أوقع المسلمين في هزيمة نفسية قاتلة .. والمسؤولية في هذا الجهل واقعة على العلماء .. فالواجب عليهم بيان حكم تحكيم الشريعة ومحاسنه في الدنيا والآخرة ..
وطول فترة البعد عن تحكيم الشريعة في مقابل طول فترة تحكيم القوانين الوضعية، أنتج قناعة باستحالة تحكيم الشريعة .. فإن الناس أعداء ما لم يألفوا، وقد حرص الاستعمار العسكري ثم الفكري على إبعاد الأمة عن دينها، وتثبيت قوانينه الوضعية في جميع الدول التي ارتبط بها وارتبطت به.
كما أن هناك أعدادا كبيرة في المجتمعات الإسلامية يأكلون لقمة عيشهم من الأنظمة القائمة على الحكم بغير ما أنزل الله.
مما يحتم الاعتناء بالتربية والتوجيه، وتهيئة البدائل وتيسيرها للتغلب على هذا المعوق.
-وهناك معوقات دولية: والمراد تحكم الدول الغربية العظمى في النظم السياسية لبلدان المسلمين، وفي مصادر الثروات والموارد الطبيعية .. فدوائر صناعة القرار، ووسائل الإعلام بيد أعدائنا ـ أصليين ومرتدين ـ.